مقاله علميه بعنوان " المنهج و الروح العلمية " للتدريسي ( م.م احمد عباس نزر الحلي ) تاريخ الخبر: 07/02/2024 | المشاهدات: 92

مشاركة الخبر :

إن المنهج كما هو متعارف عندنا في معناه اللّغويّ إنهُ الطريق الصحيح، وقد يغترب هذا المعنى مِن معناه الاصطلاحيّ في العلوم الإنسانيَّة فهو الطريق الَّذي يصل بهِ الإنسان إلى الحقيقة التامَّة أو شبه التامَّة حسب الاستقراء غير التام، لأن الاستقراء التام يكون للإنسان الَّذي لهُ القدرة والقوة الكافيَّة فوق ما يمتلكهُ الإنسان العادي مِن المكتسبات العقليَّة والعلميَّة أَيضًا.
إِنّ الكتب القديمة هي الَّتي تعتبر الحجر الأساس لعلمٍ معين، فقد اتبع باحثوها أَو مؤلفوها طريقةً خاصَّةً في التأليف وكذلِك العلماء في طرحِهم للمحاضرة العلميَّة اثناء الدرس، حيثُ كان لِكُلِّ واحدٍ منهم طريقة خاصَّة في طرحهِ ومنهجهِ الخاصّ لِكُلِّ منهم، ويمكن أن يقال أن ما نأخذهُ عَن العلم ليس كما قال فردريك رود: "هذهِ الوسيلة أو تلك بل روحه، ذلِك لأنهُ يلوح لنا أن ليس هُناك علم عام أو منهج عام وإنما هناك منحى علميّ عام...".
وفي مرحلة جمع مادَّة البحث حيثُ نقوم بتقميش وتفتيش المادَّة بحيث أن نضع منهجيَّة في تبويب المادَّة وتمحيصها حسب كُلّ قسم لهُ مادتهُ الخاصّة بهِ، وأَن ذلِكَ وحدهُ يحتاج إِلى منهج ليرسم معالم البحث وهيكلتهِ فضلًا عن تقسيم المادَّة المجتمعة عند الباحث الَّتي هي قيد مجهرهِ البحثيّ الَّتي صفت بعد تقميشها وتفتيش مادَّتها، فما يدور في البال مِن طريقة التقسيم والبحث وما شاكل ذلِكَ، فَكُلّ هذا يكون نابع مِن الروح العلميَّة للباحث وهذهِ الروح هي غرضنا مِن دراسة هذا العلم أَو ذلِكَ كذلِك الحال للمشكلة البحث المراد معالجتهُ، فالبحث يتقوم مِن خلال هذهِ الروح الَّتي رسمت في عقل الباحث تكون جراء قراءتهِ وطلعاتهِ الخاصَّة وكذلِكَ عمق خيالهِ الفلسفيّ الواسع في رسم طريق وحدود البحث المتراميَّة الاطراف، فتارةً نرى الباحث يضغط العبارة مِن أَجل عدم الاسهاب في المعنى لكي يصل إِلى المعنى المطلوب بأقصر عبارة وهذا ما يعرف بالبلاغة وكذلِك يستخدم الكلمات والجمل المنمقة لجماليَّة الكلام فيُسمّى حينئذٍ بالفصاحة، فقد تجتمع مع إِداوة الباحث البلاغة والفصاحة إضافةً لعمقهِ العلميّ وموضوع بحثهِ وغير هذهِ الأُمور والاهم في ذلِكَ كلهُ الروح العلميَّة هي الشيء المهم في فهم العلم الَّتي أُسميها (الخمرة العلميَّة) لعلمٍ الباحث المتخصص بهِ، لأَن في بعض الاحيان لا نأخذ مِن المناهج العلميَّة طريقًا خوف الحذر مِن الوقوع بالمحذور العلميّ أن صح التعبير، لأنهُ يكون مفروضًا على الباحث وهذا يقلل مِن ابداعاتهِ أَو يكون أَكثر تسرعًا إِلى الحزم في نتائِج البحث وهيكليتهِ الَّتي تعطي نتائج غير مرضيَّة أَو هيكليَّة غير مرغوبة بها.
ونلاحظ أَن الروح العلميَّة ترفض المنهجيَّة العلميَّة، لأَن العنوان المطروح في البال - لمشكلتهِ المهمة الَّتي يبحث عن معالجتها- لا يقبل المنهجيَّة العلميَّة تحجم الفكرة ونحرص على أَن تكون مقالًا أَو مقالًا مركزًا جدًا الَّذي يُعادل بمادتهِ بحثًا أَو كتابًا بما فيهِ.
وزبدة القول أن الروح العلميَّة هي الرقيب أَو المحرك الاساس في بناء البحث الرصين حسب الخبرة العلميَّة للباحث الَّتي تقومه وتفرض شروطها وأهدافها فرضًا قاطعًا على المنهجيَّة وما المنهج إلَّا المطيع لها الَّذي يسمع وينفذ ويرسم وهنا نقف موقف المعارض للروح العلميَّة ولا نسلم لها بِكُلِّ معانيها الَّتي بيناها فيما سبق، فنقف ونسأل هذهِ الروح متى تولد ومتى تنضج ومتى تستثمر ومتى تفرض اراءها على المنهج العلميّ؟، ويكون جواب هذهِ التساؤلات يحتاج إِلى كراس كامل لتوضيحها وبيانها بالشكل الوافي والدقيق.