يشهد قطاع تربية الطيور الداجنة نموًا متسارعًا عالميًا، مدفوعًا بالطلب المتزايد على مصادر البروتين الحيواني، ولا سيما اللحوم والبيض. ورغم هذا النمو الإيجابي من الناحية الإنتاجية، إلا أنه يرتبط بجملة من التأثيرات البيئية والاجتماعية والاقتصادية، مما يفرض ضرورة ملحة لاعتماد ممارسات مستدامة تضمن استمرارية القطاع دون الإضرار بالبيئة أو المجتمع.
أولًا: التحديات الرئيسة
1. التأثيرات البيئية
انبعاث الغازات الدفيئة: تسهم مزارع الدواجن في انبعاث غازات مؤثرة في الاحتباس الحراري، مثل الميثان (CH₄) وأكسيد النيتروز (N₂O)، الناتجين عن عمليات الهضم والنفايات الحيوانية.
الضغط على الموارد الطبيعية: يتطلب إنتاج الأعلاف كميات ضخمة من المياه والمساحات الزراعية، مما يزيد من الضغط على نظم الموارد المستدامة.
التلوث الناتج عن النفايات: النفايات الحيوانية غير المُدارة تعد مصدرًا رئيسًا لتلوث التربة والمياه الجوفية، خاصة في حال غياب أنظمة المعالجة البيئية الفعالة.
2. التحديات الاجتماعية والاقتصادية
صحة الحيوان ورفاهيته: تؤدي الكثافة السكانية المرتفعة في وحدات التربية إلى انتشار الأوبئة، مما يزيد الاعتماد على المضادات الحيوية ويُسهم في ظهور سلالات ميكروبية مقاومة للعلاج.
العدالة الاجتماعية: يواجه العاملون في هذا القطاع تحديات متعلقة بانخفاض الأجور، وغياب معايير السلامة المهنية، وضعف فرص التدريب والتأهيل.
ثانيًا: الحلول المستدامة المقترحة
1. تحسين كفاءة الإنتاج
التغذية المدروسة: اعتماد أعلاف ذات تركيبة غذائية متوازنة يُحسن من كفاءة التحويل الغذائي ويُقلل من الفاقد.
التحول الرقمي في إدارة المزارع: استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء (IoT) يتيح مراقبة دقيقة لصحة القطيع وتحسين أداء وحدات الإنتاج.
2. الإدارة المستدامة للنفايات
إعادة التدوير الزراعي: تحويل فضلات الدواجن إلى سماد عضوي يُعزز خصوبة التربة ويحد من استخدام الأسمدة الكيماوية.
إنتاج الطاقة الحيوية: يُمكن استغلال النفايات العضوية في إنتاج الغاز الحيوي (Biogas)، مما يقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري.
3. تعزيز صحة الحيوان ورفاهيته
إجراءات وقائية فعالة: تعزيز برامج التحصين البيطري والرعاية الصحية الدورية يُقلل من انتشار الأمراض.
تحسين بيئة التربية: توفير مساحات مناسبة، وتهوية جيدة، وظروف إضاءة مناسبة يُسهم في تحسين جودة حياة الطيور.
4. العدالة الاجتماعية والتمكين الاقتصادي
تحسين ظروف العمل: ضمان أجور عادلة، وتأمين صحي، وبيئة عمل آمنة يدعم الاستقرار الاجتماعي للعاملين.
بناء القدرات: إطلاق برامج تدريبية مستمرة لرفع كفاءة الموارد البشرية وزيادة الوعي بالممارسات المستدامة.
إن تحقيق الاستدامة في قطاع تربية الطيور الداجنة لا يُعد خيارًا، بل ضرورة حتمية لمواجهة التحديات البيئية والاجتماعية المعاصرة. وتلعب الجامعات، مثل جامعة المستقبل، دورًا محوريًا في تعزيز البحث العلمي، ونشر التوعية، وتقديم الحلول المبتكرة التي تدعم التحول نحو إنتاج أكثر استدامة وشمولية.
جامعة المستقبل – الجامعة الأولى في العراق