انت الان في قسم تقنيات المختبرات الطبية

مقالة للاستاذ المساعد الدكتور صادق جعفر باقر بمناسبة اليوم العالمي للتعليم وبعنوان أهمية التعليم ودوره في بناء المجتمع المتقدم والمتحضر تاريخ الخبر: 23/01/2024 | المشاهدات: 174

مشاركة الخبر :

أهمية التعليم ودوره في بناء المجتمع المتقدم والمتحضر

يعد التعليم عنصرًا أساسيًا في نمو المجتمع وتطوره حيث ان الفرد المتعلم يؤثر بشكل كبير في عائلته، والمجتمع المحيط به في كافة الجوانب المختلفة، مما يخلق مجتمعًا نشطًا ومستقرًا يتطلع لتحسين حياة أفراده وتنمية المجتمع،وتوجد الكثيرمن الأمور التي تجعل من عملية التعليم تلعب دورًا هامًا في تطور وبناء المجتمعات.ويمكن ان تبرز أهمية العملية التعليمية للأفراد في بناء ونمو المجتمع من خلال مايلي
1. تحقيق النمو الاقتصادي
يساعد التعليم الأفراد في أداء أعمالهم بطرق أكثر كفاءة مما يخلق فرص عمل أكثر استدامة وبالتالي يتحقق النمو الاقتصادي حاضرا وفي المستقبل، إضافة الى انه المحرك الأول في التطور والازدهار الاقتصادي، وقد أثبتت الدراسات بأن التعليم الإضافي يزيد من نمو الناتج المحلي الإجمالي ، وتساهم الدرجات العلمية العالية التي يمتلكها الأفراد في زيادة فرص حصولهم على فرص عمل أفضل، فكلما ازداد التعليم ازداد الإنجاز وكانت الخيارات أوسع وأشمل، وبهذا ستقل معدلات الفقر بالمجتمع ويتحسن الاقتصاد بلا شك.
2. توفير حياة مجتمعية إيجابية
يحتاج الأفراد إلى تثقيف أنفسهم والتعلم المستمر ليضمنوا أسلوب حياة أكثر راحة واعم رفاهيه ، ويتم هذا الأمر من خلال العثور على وظائف بأجور جيدة تجعلهم راضين عن مايؤدوه بأنفسهم وأكثر سعادة ورفاهية، كما أن التعليم يساعد الفرد على إتاحة الفرص أمامه ليصعد السلم الوظيفي بطريقة أسرع وأكثر سلاسة، وهي ذاتها الفرص التي تحقق حياة أكثر استقرارًا من خلال توفير الموارد المالية التي تساعد الأفراد على تملك مقتنيات الحياة الضرورية كالمنزل والسيارة وغيرها مما يزيد من ثقتهم بأنفسهم، كل هذه الأمور تصب في النهاية لبناء مجتمع إيجابي مُرفه وقادر على الإنجاز والإنتاج لتطويره وبنائه.
3. تعزيز المساواة والتمكين
يساهم التعليم في خلق ثقةً كبيرةً بالنفس في داخل الفرد ويُشعره بالتمكين في مجتمعه المحيط به، إذّ يمنح التعليم حرية الاختيار والقرار في تحديد مصيره وتغيير طريقة ونمط حياته أيضًا، وللتعليم أثر كبير في إقامة العدل المجتمعي وإعطاء كل فرد من أفراده حقه كاملًا، ويُجنب المجتمعات التحيز والتمييز والوساطة؛ بحيث يتفرد ويتميز كل فرد بما يمتلكه من علم مختص به، فلا يمكن وضع شخص آخر بمساعدة الواسطة في منصب أو في مكان يتطلب شخصًا يحمل علمًا خاصًا في أمر ما.
4 .التقليل من معدلات الجرائم
يُوضح التعليم للفرد ما هو الصحيح وما هو الخاطئ، ويعرض تجارب الآخرين أمام الفرد في مرحلتي الطفولة والشباب أي في مراحل نشأته، مما يساعده في تمييز الخطأ والصواب، ويعزز من روح التعاطف في نفسه وبالتالي ستقل ميوله الداخلية لارتكاب الجرائم و يقلل من نسبة نزلاء السجون لانخفاض ارتكاب الجرائم في المجتمع المتحضر
5. التقليل من العنف المجتمعي
تكون نسبة العنف المجتمعي منخفضة في المجتمعات التي تضم أفرادًا متعلمين من كلا الجنسين ويعزى أسباب انخفاض العنف المجتمعي فيها لكون الأفراد المتعلمين يدعمون ويؤيدون المساواة على كافة الأصعدة، ويعملون جاهدين على محاربة العنف المجتمعي والعنف المنزلي الذي يندرج منه، بالإضافة إلى كافة أنواع العنف الاجتماعي الذي يقف عائقًا في تطور المجتمع وبنائه.
كما ان للتعليم أهمية جذريّة في تأسيس المجتمعات وبناء ثقافاتها وتطوير علاقاتها بين الأفراد وبين الجماعات على حدّ سواء ويعدّ التعليم احد وسائل التنمية الإنسانية، فهو الذي يؤمّن للمتعلّمين فرصة لتحسين واقعهم من جوانب عديدة -ولا سيما الجوانب الصحية والنفسية- فمن الممكن أن يؤثر الوعي التعليمي على نمط استخدام الإنسان للغذاء، مثل كونهِ مدخِّنًا ساعيًا إلى التخلص من التدخين، أو حريصًا على الأطعمة الصحية أو متجنبًا لما يجلب الضرر لجسمهِ، ويؤثر التعليم أيضًا على نمط استخدامه للوقت وتنظيمه، ونمط نومِهِ وعاداته اليومية، كما أنه يؤدي دورًا مهمًّا في منح الثقة بالنفس، مما ينعكس بشكل إيجابيّ على حياتهم بشكل عام. مما لاشك فيه أن التعليم يعمل على توسيع المُدركات العقلية لدى الفرد ويصحح منهجية التفكير التي يعمل العقل وفقها في سائر المعالجات الذهنية، وهذا ما يؤثر إيجابًا على استقباله للمعلومات وتأدية وظائف الذاكرة بشكل أفضل، كما يسهم في إجادة تحديد الأهداف وفق ما تتطلبه الحياة من معايير.ويشكل التعليم النواة الأولى واللبنة الأساسية للسلام الاجتماعي، ويكوِّن صلة وصل قويّة بين جميع أفراد المجتمع على اختلاف أعمارهم ومستوياتهم الفكرية، وهذا ما ينعكس إيجابًا على مقوّمات الوحدة الوطنية التي تدعم كيان المجتمع واستمراره وتطوّره نحو الأفضل، وذلك أيضًا ما يجعل أفراد المجتمع على قدر من المسؤولية الوطنية والانتماء الإيجابي للمكان الذي يعيشون فيه، لكي يتمكنوا من جني ثمار ذلك التكافل الاجتماعي على كافة الأصعدة. إن ذلك البُعد الاجتماعي بالإضافة إلى القوى الثقافية المجتمعية تُشكّل المحور الأساسي للتنمية في كافة مجالاتها، فالتعليم هو الفرصة الجوهرية بالنسبة لكل فرد للتنمية البشرية المتنامية، والعمل على تطوير وإنضاج القدرات والطاقات المختلفة لكل فرد من الأفراد بطرق مدروسة ومنظّمة وأكاديمية . وتعمل المسؤولة عن التعليم في كل بلد تعمل بالتأثير على مستوى التحصيل العلمي في تلك البلاد وطريقة التغذية التعليمية فيها، والأساليب اللازمة لبث تلك التغذية والتدرّج بمستوياتها من الصفر إلى المراحل العليا، وتساهم بدورها الأساسي في تفعيل الدور القومي للتعليم وتوسيع دائرة التطوير العلمي الوطني، وبالتالي رفد الوطن بالأفراد المساهمة في الوظائف التعليمية وتطوير مستوياته الثقافية والاقتصادية، وتحسين مستوى البلد مقارنةً بالبلاد الأخرى من خلال الدعم العلمي بالوسائل اللازمة وتأمين المتطلبات الضرورية للنهوض بالحركة التعليمية المستمرة. كما يمكن القول بأنّ هناك رابطة قويّة بين ارتفاع المستوى التعليمي في بلد معين وبين تمكُّن الأفراد من الديمقراطية التي تُتيح لهم التصرف الأمثل بالموارد العلمية و على الصعيد الاقتصادي يُمكن للتعليم أن يتحكم باقتصاد البلاد من خلال النهوض بالمستوى الاقتصادي للمجتمع من خلال تطوير مهارات الأفراد وتمكينهم من الاستفادة من وظائف ذات مردود جيد، كما أن التطور الاقتصادي الذي يسعى التعليم إلى الاستفادة منه في المجتمعات والذي يُمكّن المتعلمين من استخدام الأدوات الحديثة والمتطورة في ميدان البحث العلمي يُسهم في إعطاء الإجابات الأكثر دقة عن التساؤلات العلمية المتشعّبة في كل مجال من المجالات، وهذا ما يجعل العلم يمشي في درب من التقدم والسموّ، مما يجعل إمكانية الاختراع والابتكار متاحة بشكل أكبر لدى الأفراد، وبالتالي تعود الدائرة إلى تطوير الاقتصاد لدى ذلك المجتمع نفسه.كما يسهم التعليم من زاوية أخرى بزيادة الإنتاجية وزيادة اليد العاملة التي تتمتع بالخبرة والدراية المتخصصة بالعمل الذي تقوم به، مما يُتيح لكل فرد من الأفراد أن يكون في مكانه العملي المناسب، وهذا ما يعطي فرصة للاقتصاد بأن يزدهر بزيادة الدخل القومي وتحقيق التنمية الاقتصادية على الصعيد المجتمعي، فضلًا عن ازدهار حياة كل فرد من الأفراد، وتمتّعه بالرخاء المعيشي . كما أنَّ متابعة التعليم ومستوياته تُحسّن برامج التعليم الصناعي، وتعمل على إعداد المزيد من الموارد البشرية المتدربة وفق المجال التكنولوجي، والقادرة على ربط التكنولوجيا بالاحتياجات التنموية والاستفادة منها في تقديم الإنتاج الأفضل.وعلى المستوى الثقافي فان للتعليم اهميه خاصه اذ تعتمد التنشئة الاجتماعية والتعليمية في مستواها الثقافي على بناء المحاور الثقافية لدى الفرد منذ نشأتهِ و تقوم المؤسسات التعليمية برسم نمط محدد من أنماط السلوك يُطابقُ لثقافه المجتمعية السائدة، وتؤطّر الممارسات التابعة لذلك السلوك بالثقافة المجتمعية مما يؤدي إلى توافق الفرد مع مجتمعه وبناء نظام القيم المتوارثة في ذاته، ويؤدي ذلك مع تقييمه الشخصي وتعامله الذاتي مع تلك القيم والمواقف إلى تكوين شخصيّته المتميزة عن غيرها بصفات محددة، وتحديد ميوله ورغباته والسير في الاتجاه المناسب لتلك الرغبات وفق مُعطياته الثقافية. ممّا تقدم يظهر أنّ المستوى الثقافي يتداخل بشكل كبير مع المستوى الاجتماعي ويشكل جزءًا منه، وذلك لأنّ التعليم يعمل على كافة الأصعدة، وتكوين مجتمع من المجتمعات يقوم بشكل أساسي على نمط ثقافي محدد يعتمد عليه الأفراد لعدة أجيال متعاقبة. ويدخل التعليم في صميم حياة الأفراد والمجتمعات فيبنيها من كافة الجوانب، ويسهم في حماية أفرادها من ظلمة الجهل المؤدّية إلى الموت الفكري والثقافي.