انت الان في قسم ادارة الأعمال

مقال علمي تحت عنوان ( الاطار النظري للأمن القانوني ) تاريخ الخبر: 07/08/2022 | المشاهدات: 440

مشاركة الخبر :

(الاطار النظري للأمن القانوني)
م. د. نورس أحمد الموسوي/ قسم إدارة الأعمال /كلية المستقبل الجامعة

يُشكّل الأمن القانوني إلتزام السلطة العامة بقدر من الثبات للعلاقات القانونية، وحدٍ أدنى من الإستقرار للمراكز القانونية بهدف توفير الأمن والطمأنينة لجميع أطراف العقد القانوني، فالأمن القانوني يُمثل اليوم الركيزة الأساسية التي تقوم عليها القاعدة القانونية؛ لأنه لا قيمة لهذه القاعدة دون حمايتها للحقوق وديمومة إستقرار المراكز القانونية، مما يُفضي إلى ثقة الأشخاص بالنظام القانوني كَكُل. وبذلك يُعدُّ مفهوم الأمن القانوني مفهومًا صعبًا ومعناه عصيًا، فهو فكرة يصعب رسم حدودها وإبراز ملامحها، فهو ينحدر من الحق الطبيعي في الأمان وبعد ظهور الدولة كوسيلة للخروج من حالة الفوضى إلى حالة النظام والأمن والسلام ظهر القانون كمصدر للحقوق المحمية من طرف الدولة، فالأمن القانوني قيمة قانونية فلسفية مهمة للغاية. وإنطلاقًا من المكونات اللفظية لمبدأ الأمن القانوني، فإنّ مفهوم الأمن ينصرف إلى الحالة التي يكون فيها الفرد في مأمن من المخاطر أو الوقاية من أي خطر، أي حالة الفرد الواثق الهادئ الذي يعتقد أنه في مأمن من الخطر.
يُعد الأمن القانوني فكرة فضفاضة يصعب حصرها وتحديدها؛ لسعة المجالات التي يتعلق بها كل منهما، إذ يختلفان من مجتمع إلى آخر، ومن بيئة إلى آخرى، ومن عصر إلى آخر. يهدف إلى تحقيق غاية أو هدف أسمى للقانون تتمثل في حفظ النظام والإستقرار داخل المجتمع. يولي إهتمامه بالأمن المعنوي للأفراد، بمعنى أنّه يُحقق الطمأنينة في الجانب النفسي المعنوي للإنسان. جدير بالذكر بأن الأمن القانوني ليس فكرة نظرية، إنما ممارسة تقتضي الوضوح في النصوص والمراكز القانونية للأفراد والمساواة أمام القانون في العلاقات المُنظّمة، ومن ثم فإنّ تحقيقه يرتبط تقليديًا بالشكلية الخاصة بالنصوص القانونية، والتي يُفترض فيها تحقيق الضمانة المتمثلة بالإعلام والنشر في كل ما يتعلق بالقاعدة القانونية من تعديل أو تغيير أو إلغاء؛ لتحقيق علم الكافة حتى يستطيعوا أن يُديروا أمورهم في ضوء ذلك، وللوصول إلى هذه النتيجة يجب أن تكون القواعد التي يتم إصدارها واضحة ومفهومة، وأن لا تكون موضع تغييرات مستمرة، وغير متوقعة أساسًا؛ حتى يتسنى للمخاطبين بها الإطمئنان لها.
وينصب الأمن القانوني على القاعدة القانونية، التي تحكم وتُنظّم معاملات الأفراد وتُوّلد الثقة المسبقة لديهم تجاه القوانين، وما تتضّمنه من قواعد تجعل الفرد في مأمن من أي خطر قانوني، أي أنه يتجلى قبل كل شيء في حماية الثقة في القانون. والجهة المسؤولة عن حماية الأمن القانوني تتمثل بالسلطات العامة القضائية وكذلك السلطة التشريعية التي تخلق القاعدة القانونية بما تتطلبه من وضوح، فضلاً عن ضرورة إلتزامها بتحقيق قدر من الثبات النسبي للعلاقات القانونية، وحد أدنى من الإستقرار،
كما تترصد الأمن القانوني مجموعة من المعوقات الداخلية التي يمكن أن تُؤثر عليه بشكل ينشر معه إنعدامه، ويتجلى ذلك خصوصًا في تضّخم التشريع، أو التعقيد المبالغ فيه للقواعد القانونية، أو عدم جودة النصوص، أو رجعية القوانين بما يلحق الضرر بمراكز قانونية سابقة، أو خرق مبدأ المساواة أمام القانون وغيرها.