انت الان في قسم الهندسة الكيميائية والصناعات النفطية

مقالة م.م. سارة علي عبد الحسين بعنوان " النانو تكنولوجي " تاريخ الخبر: 06/04/2022 | المشاهدات: 1125

مشاركة الخبر :

النانو تكنولوجي
تقنية النانو أو النانو تكنولوجي هي العلوم والهندسة والتكنولوجيا التي يتم إجراؤها في المقياس النانوي، والذي يتراوح بين 1-100 نانومتر، فعلم النانو هو دراسة وتطبيق أشياء متناهية الصغر، ويمكن استخدامها في جميع مجالات العلوم مثل الكيمياء والبيولوجيا والفيزياء وعلوم المواد والهندسة، وعلى مستوى النانو يتطلع العلماء والمهندسون إلى التحكم في الذرات والجزيئات الفردية للقيام بالأبحاث والتجارب والاكتشافات، وفي الوقت الحالي يستخدم الباحثون في تقنية النانو تكنولوجي لتجاوز الحدود وحل المشكلات في مجالات الطاقة والصحة وعلوم المواد وغيرها، فقد أصبحت تقنيات العمل في المقياس النانوي ضرورية جدًا، أما كلمة نانو، فهي مأخوذة من الكلمة اليونانية نانوس والتي تعني الأقزام، ولهذا سميت هذه البادئة بالنانو.

ظهور النانو تكنولوجي
بدأت الأفكار والمفاهيم الكامنة وراء علم النانو والنانو تكنولوجي بحديث بعنوان "هناك الكثير من الغرف في القاع" للفيزيائي ريتشارد فاينمان في اجتماع الجمعية الفيزيائية الأمريكية في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في 29-12-1959، وكان هذا الحدث قبل وقت طويل من استخدام مصطلح النانو تكنولوجي، وفي حديثه وصف فاينمان عملية تمكن العلماء من خلالها بالتحكم في الذرات والجزيئات الفردية والسيطرة عليها، وبعد أكثر من عقد من الزمان، وتحديدًا في عام 1974 صاغ البروفيسور نوريو تانيجوتشي -أثناء استكشافاته للمعالجة فائقة الدقة- مصطلح تكنولوجيا النانو، وفي عام 1981 مع تطوير مجهر المسح النفقي الذي كان بإمكانه رؤية الذرات الفردية، بدأت تقنية النانو الحديثة، وقد حصل مطورو هذا المجهر على جائزة نوبل للفيزياء عام 1986.

تطبيقات النانو تكنولوجي
يوجد العديد من التطبيقات في مختلف المجالات الحياتية التي تستخدم تقنية النانو تكنولوجي، حيث شكل هذا المجال ثورة في عالم الصناعة والتجارة والطب والعلوم الهندسية المتنوعة، وساعد في إجراء التحسينات والتطويرات عليها.

مجال الإنشاءات
في سبيل تحسين المواد الإنشائية، ألهمت صدفة حيوان أذن البحر العلماء في مجال الهندسة المدنية بسبب كيفية جمع صدفتها بين المادة الصلبة والهشة بنفس الوقت، مع هيكلة من المواد الناعمة والقاسية ضمن المقياس النانوي وتنتج بناء قوي ومتين، وبشكل أساسي تتكون هذه الصدفة من كربونات الكالسيوم التي تمثل في المنظور الهندسي طوب البناء، والسكريات التي تمثل المادة اللاصقة، فبرزت عدة مواد هندسية جديدة مثل المركبات النانوية المكونة من البوليمر، وهي ليست فقط قوية وصلبة بل أيضًا خفيفة الوزن، وأسهل في عملية إعادة التدوير من البلاستيك العادي، وهذه التحسينات في المواد الإنشائية مهمة بشكل خاص في النقل، حيث يُترجَم انخفاض الوزن مباشرة إلى الاقتصاد وخاصة في تقليل استهلاك الوقود.

مجال مكافحة التلوث
تُعد الفلاتر التي تصنع من المواد النانوية من المرشحات الممتازة لاحتجاز المعادن الثقيلة وغيرها من الملوثات خلال معالجة مياه الصرف الصحي الصناعي، وسيكون أحد أكبر الاستخدامات المحتملة للنانو تكنولوجي في مجال تحلية المياه وتنقيتها اقتصاديًا، وأيضًا لها استخدامات في خلايا الوقود، والتحويل الإحيائي للطاقة، والمعالجة الحيوية للمنتجات الغذائية، ومعالجة النفايات، وأنظمة مكافحة التلوث.
مجال الطب
ساعدت النانو تكنولوجي لحدوث ثورة في عالم الطب وخاصة في الأدوية حيث كانت الأدوية، غير قابلة للذوبان في الماء وتجد صعوبة بالوصول لوجهتها في الجسم، ومع تقنية النانو تكنولوجي أصبحت الأدوية تنتشر في الجسم بكل سهولة، ومكنتها من الوصول لموقعها الصحيح في الجسم وتحرير جرعات الدواء وفقًا لجدول زمني محدد مسبقًا للعلاج الأمثل، وأحيانًا تبحث النانو تكنولوجي في الأدوية على مواطن المرض وتتعلق به وتحرر الدواء فيه مثل التعلق بالأورام السرطانية، وأصبحت هناك بعض الضمادات المحتوية على جسميات النانو الفضية لعلاج الجروح بشكل أسرع.

مجال الصناعة
حسنت النانو تكنولوجي مجال الصناعة فمثلًا في الجانب الرياضي عملت على تحسين كرات التنس بجعلها تدوم لفترة أطول، وكرات الغولف بجعلها تطير بشكل أكثر استقامة، وحتى كرات البولينغ حسنتها لتصبح أكثر متانة وبسطح أكثر صلابة، وفي مجال صناعة الملابس تم تزويد البناطيل والجوارب بالنانو تكنولوجي بحيث تستمر لفترة أطول وتبقي الناس باردين في الصيف، وفي مجال أجهزة الكمبيوتر وألعاب الفيديو ساعدت النانو تكنولوجي على أن تصبح هذه الأجهزة أرخص وأسرع وتحتوي على ذاكرة أكبر.

مستقبل تقنية النانو تكنولوجي
لقد شهدت السبعون سنة الماضية تغيرات كبيرة وكان ذلك بسبب اختراعين مهمين الأول هو الترانزستور الإلكتروني والرقاقة الدقيقة، وبدأت تطور بحيث صَغُر حجمها فأصبحت الشريحة الواحدة تحتوي على 5 مليارات من الترانسزتورات، وعلى سبيل المثال إذا تم اتباع هذا النه على صناعة السيارات فقد نكون قادرين على قيادة السيارات بسرعة 300000 ميل/ساعة، وستكلف 3 جنيهات إسترليني للسيارة الواحدة، ولكن للحفاظ على هذا التقدم مستمرًا ، يجب أن تكون هناك القدرة على إنشاء دوائر على مقياس نانومتر صغير للغاية، ولهذا فإن مستقبل النانو تكنولوجي واعد في مجالات عدة. مجال الصحة قد يصبح من السهل التعرف على ما يصيب الأجسام البشرية عن طريق حقن أو زرع جزيئات النانو تكنولوجي، بحيث تعمل كأجهزة استشعار تستشعر العلامات الحيوية داخل الأجسام، وفوائدها قد تكون لا حصرًا لها مثل مراقبة الالتهابات الخطيرة.[٥] مجال الإنشاءات هناك توجه لاختراع مستشعرات صغيرة جدًا ومعقدة أكثر، والتي يمكن عمل الكثير منها بالنانو تكنولوجي بتكلفة منخفضة، هذا يفتح إمكانية وضع أجهزة الاستشعار في الكثير من النقاط على البنية التحتية للتحقق باستمرار من أن كل شيء يعمل بشكل صحيح، قد تستفيد الجسور والطائرات وحتى محطات الطاقة النووية من هذا الاختراع، وفي المستقبل سيكون لاختراع بعض الأنواع من الطلاء أو بعض إضافات النانو تكنولوجي إمكانية السماح للمواد "بالشفاء" عند تلفها.[٥] مجال البيئة تساعد النانو تكنولوجي على مكافحة مشاكل التغيرات المناخية، حيث تعد كبديلًا لإنتاج الكهرباء فقد ساعدت في إنشاء بطاريات يمكنها تخزين المزيد من الطاقة للسيارات الكهربائية، ومكنّت الألواح الشمسية من تحويل المزيد من أشعة الشمس إلى كهرباء.

مخاطر النانو تكنولوجي
حدثت الكثير من الدعوات والنقاشات لمناقشة القضايا المتعلقة بسلامة النانو تكنولوجي ومخاطرها على صحة الإنسان، حيث تتعدد الأراء حول هذه التقنية من مؤيد ومعارض، فيقول المعنيين بالأمر أنه لا يوجد إطار تنظيمي لتقييم ومراقبة المخاطر المرتبطة بإطلاق جسيمات النانوية، ويقول المستشارون أنه لا يوجد تمويل كاف لبحوث الصحة والسلامة البشرية، ونتيجة لذلك يوجد فهم محدود لمخاطر صحة الإنسان وسلامته المرتبطة بالنانو تكنولوجي، وقد قال البعض أن سبب مرض اعتلال الدماغ الإسفنجي البقري بالجسيمات النانوية والأغذية المعدلة وراثيًا، والطاقة النووية، وتنوه بعض الجمعيات إلى ضرورة التعامل بحذر عند التخلص من الجسيمات النانوية وإعادة تدويرها.