م.م نبأ علي خليل

مقدمة:
تعد الأمراض العقلية مثل الاكتئاب واضطرابات القلق من أكثر الحالات انتشارًا وتأثيرًا على الصحة العامة في جميع أنحاء العالم. يعزى ذلك جزئياً إلى التغيرات البيولوجية التي تحدث في الجسم وخاصةً في الدماغ لدى الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالات. تلعب البيولوجيا الجزيئية دورًا حاسمًا في فهم هذه الأمراض، حيث يتم تحليل التفاعلات الجزيئية والمسارات الحيوية المتضررة للكشف عن العوامل المسببة والتدخل فيها.

التفاعلات الجزيئية في الاكتئاب:
تظهر الأبحاث الحديثة في مجال البيولوجيا الجزيئية وجود تغيرات في تعبير الجينات ووظيفة البروتينات في الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب. على سبيل المثال، يتم ارتباط بعض الجينات بمسارات تحويل السيروتونين، وهو ناقل عصبي يرتبط بالمزاج والشعور بالسعادة. تظهر الدراسات أيضًا تغيرات في هيكل الدماغ ووظيفته، بما في ذلك انخفاض حجم الهيبوكامبوس، الذي يرتبط بالذاكرة والمزاج.

المسارات الحيوية المتضررة في الاكتئاب:
يتعرض العديد من المسارات الحيوية في الدماغ للتأثير في حالات الاكتئاب، مما يؤدي إلى تغيرات في الهيكل والوظيفة العصبية. على سبيل المثال، يؤدي انخفاض مستويات الناقلات العصبية مثل السيروتونين والنورأبينفرين إلى تغيرات في التواصل العصبي. كما يؤثر الاكتئاب أيضًا على مسارات الالتهاب والتحكم بالتوتر، والتي يمكن أن تزيد من الاستجابة للتوتر والتهيج العصبي.

التفاعلات الجزيئية في اضطرابات القلق:
فيما يتعلق بالقلق، يشير البحث إلى تغيرات في تعبير الجينات المرتبطة بنظام الاستجابة للتوتر، بما في ذلك الكورتيكوتروبين، وهو هرمون يرتبط بالتوتر. تؤدي تلك التغيرات إلى زيادة استجابة الجسم للتوتر والقلق. بالإضافة إلى ذلك، تظهر الدراسات أن القلق يؤثر على مسارات الجهاز العصبي المركزي المرتبطة بالخوف والاستجابة للتهديدات، مما يزيد من التوتر والقلق.

الختام:
توضح هذه الدراسة أهمية فهم البيولوجيا الجزيئية في الأمراض العقلية مثل الاكتئاب واضطرابات القلق. باستخدام التقنيات الحديثة في مجال الجينوم والبروتيوم، يمكن تحديد التفاعلات الجزيئية والمسارات الحيوية المتضررة، مما يفتح المجال لتطوير علاجات مستهدفة وفعالة لهذه الحالات الصحية المعقدة.