انت الان في قسم تقنيات الهندسة الكهربائية

الدفاع الشرعي تاريخ الخبر: 13/01/2024 | المشاهدات: 93

مشاركة الخبر :

م.م علي عباس محمد
المقصود بالدفاع الشرعي:-
هو عبارة عن حالة يرفع فيها المشرع يده من تجريم تلك الأفعال التي تدخل في صميم ردة الفعل الإنسانية في الدفاع عن النفس وإن ردة الفعل هذه ليس فقط إنسانية وإنما هي كونية ممن أن توجه حتى للحجر أو الحيوان فتكون لهما ردة فعل، وهذه ردة الفعل حاول المشرع أن يقننها حتى لا تخرج عن إطارها الفطري ولا تحسب إنتقاماً.
طبيعة الدفاع الشرعي:-
هناك إختلافات فقهية بصدد طبيعة الدفاع الشرعي وهي:-
الإتجاه الأول:-
يعتبر الدفاع الشرعي من موانع المسؤولية حيث يستندون في رأيهم إلى فكرة الإكراه المعنوي على إن الإعتداء الواقع على شخص يسبب له حالة من الإضطراب والإنفعال وإذا دافع فإنما يكون عاملاً بالميل الغريزي الذي يدفعه إلى المحافظة على نفسه.
الرد على هذا الإتجاه:-
لقد وجه النقد لهذا الرأي الفقهي بالقول إن المشرع قد أخذ بالدفاع الشرعي كسبب من أسباب الإباحة وليس كمانع من موانع المسؤولية كالإكراه المعنوي كون إن الفاصل فيما بين الإثنين (الدفاع الشرعي والإكراه المعنوي) هو (فاصل أو عنصر زمني) أي بمعنى إن مقدار الضعف في حرية الإختيار بين الإثنين كبير جداً حيث إن الإكراه المعنوي توجد مسافة أو مساحة للتفكير للشخص المكره أما في حالة الدفاع الشرعي تكون هذه المسافة أضيق حيث إن حالة الإرتباك تكون أكبر من الإكراه المعنوي لأن الخطر يدعو الشخص إلى إتخاذ القرار بسرعة أي حالة توجب المدافع توجيه الدفاع إلى مصدر الخطر أما في الإكراه المعنوي فيكون توجيه السلوك لأي أمر يستوجب دفع الخطر الذي ينتج منه الإكراه المعنوي، فإن الظروف الزمانية والمكانية والشخصية قد تختلف من شخص لآخر ومن زمان لآخر ومن مكان لآخر، لأن حالة الدفاع الشرعي تقاس بمقياس شخصي وإن كانت ذات طبيعة معنوية.
فالمتعلم يدافع بطريقة مختلفة عن غير المتعلم (الجاهل)
أهل الريف يدافعون بطريقة مختلفة عن أهل المدينة
وقت الليل يكون فيه الدفاع أكبر من وقت النهار

الإتجاه الثاني:-
يعتبرون إن الدفاع الشرعي تفويضاً قانونياً بإستعمال السلطة بوصفه مما يقوم به رجل الأمن لمنع وقوع الجرائم أي إن الشخص الذي يقوم بالدفاع يقوم مقام رجل الأمن حيث لا يستطع الإستعانة به لدفع هذا الإعتداء.
الرد على هذا الإتجاه:-
إن الدفاع الشرعي وفقاً لهذا الرأي فإنه يساوي بين إستعمال السلطة الوظيفية في أداء الواجب القانوني فهنا يكون سبب الإباحة هو إباحة العنف الذي يستخدمه الموظف العام أما الدفاع الشرعي فهو سبب لإباحة العنف الذي يستخدمه شخص عادي.

المصلحة المعتبرة من الدفاع الشرعي:-
إن المصلحة المعتبرة من الدفاع الشرعي هي ليس رد الإنتقام أو رد الإعتداء وإنما الغاية منه هي صد الإعتداء أي إيقاف الإعتداء عند حدود معينة وحسب القدرات الممكنة وحسب ظروف وملابسات القضية وتختلف شدة الصد بإختلاف الظروف الزمانية والمكانية والشخصية للمدافع فقد يتحقق بمجرد الإحتماء بمانع وهو أبسط أنواع الدفاع الشرعي وقد تكون بصيغة إستخدام القوة المؤدية إلى الموت وقد حاول المشرع العراقي أن يقنن الحد الأعلى من الدفاع الشرعي من حدود القوة المستخدمة كما حدد المشرع حالات التجاوز للدفاع الشرعي بإعتبار إن اللحظات التي يمارس فيها الدفاع الشرعي هي لحظات غير مدروسة لا بل هي غير مدركة تضعف فيها حرية الإختيار وعلى هذا الأساس جاءت عملية الإعفاء من العقاب وإعتبارها سبب من أسباب الإباحة.

أساس الدفاع الشرعي:-
إن أساس الدفاع الشرعي يأتي من فكرة الموازنة بين المصالح المتعارضة وإيثار مصلحة أولى بالإعتبار تحقيقاً للمصلحة العامة وهي هدف كل نظام قانوني.
والمصلحة هي الحق التي يحميها القانون فإذا وقع تعارض بين مصلحتين وكان الإبقاء على إحداهما يستلزم إهدار الأخرى فالمصلحة تقتضي التضحية بأقلهما أهمية، وبذلك فإن حق المعتدي تقل قيمته بمجرد الإعتداء ويجب أن يهمل أمام حق المعتدى عليه المهدد.
إذن يقوم الدفاع الشرعي على أساسين هما الإعتداء والدفاع ويشترط لتوافر الإعتداء وقوع فعل يهدد بخطر غير مشروع وحال يهدد بإرتكاب جريمة ضد النفس أو بعض جرائم الإعتداء على المال التي يحددها القانون، فلا يقوم حق الدفاع الشرعي من دون إعتداء يهدد حقاً يحميه القانون كما إنه المقدمة اللازمة للدفاع ولولاه ما سمي الدفاع دفاعاً فهو فعل يفضي إلى هذه النتيجة وتعريف الإعتداء لغة هو الظلم ومجاوزة الحد.

يعتبر الإعتداء ركن جوهري في الدفاع الشرعي وإن كان ظلماً بمعناه العام فهو مجاوزة للحد بمعنى معين وللإعتداء عناصر سنتطرق لبيانها مع الخلافات الفقهية إتجاهها:-
عناصر الإعتداء
أولاً/ العنصر المادي:-
ويقصد به النشاط الذي يصدره المعتدي ويشكل خطراً على حق يحميه القانون ويقصد بالإعتداء عند فقهاء القانون هو الإعتداء الذي يعد جريمة إلا إن الأخذ بهذا التعبير يؤدي بنا إلى القول إن الدفاع لا يقوم إلا بعد وقوع الإعتداء وهذا يتعارض مع المعنى الذي من أجله شرع الدفاع الشرعي وهو صد الإعتداء قبل وقوعه فإذا كان الدفاع بعد الإعتداء كان هذا العمل إنتقاماً غير مشروع.
ثانياً/ العنصر المعنوي:-
ويقصد به القصد الجرمي وهو تعمد إتيان الفعل أو تركه مع العلم إن الشارع يحرم الفعل أو يوجبه وهذا في الجرائم العمدية وقد يتكون العنصر المعنوي من مجرد الخطأ وهو وقوع الشي على غير إرادة فاعله وإنما يقع من غير إرادته وبخلاف قصده.
فهناك رأي فقهي يقول لا يجوز الدفاع أمام من شاب إرادته عيب من عيوب الأهلية كالإكراه ومن لم تكتمل أهليته كالصغير.
والرأي المضاد للرأي أعلاه يقول يكفي لتوافر الإعتداء غير المشروع في المعنى اللازم لقيام الحق في الدفاع الشرعي أن يهدد فعل المعتدي حقاً يحميه القانون حتى ولو توافر للمعتدي ظرف من الظروف التي ترفع عنه المسؤولية أو عذر من الأعذار القانونية المخففة ففعل المجنون أو المكره أو من يتمتع بعذر قانوني مخفف يهدد بإعتداء على حق يحميه القانون يجيز من ثم الدفاع الشرعي.
والرأي الأخير هو الرأي الراجح فضلاً عن إنه يتفق ونصوص قانون العقوبات كما يجوز إستعمال الدفاع الشرعي ضد المعتدي الذي هو مصدر الخطر غير المشروع حتى وإن كان معدوم المسؤولية كالمجنون والصغير كما يجوز ممارسة حق الدفاع الشرعي ضد الخطر الحاصل من شخص توفر بحقه عذر قانوني مخفف إلا إذا وجد نص قانوني يقضي بغير ذلك كما هو الحال في المادة (409) قانون العقوبات العراقي النافذ.