انت الان في قسم هندسة تقنيات البناء والانشاءات

الاحتباس الحراري وتأثيره على مناخ العراق تاريخ الخبر: 14/08/2022 | المشاهدات: 3420

مشاركة الخبر :

م.م علياء حيدر عبد اليمه
مفهوم الاحتباس الحراري
هو في الأصل ظاهرة طبيعية حيث أن هناك مجموعة من الغازات بالإضافة إلى بخار الماء موجودة في الغلاف الجوي كمكونات أساسية ، وتركيزها بالغلاف الجوي ضعيف حيث تعمل تلك الغازات على احتفاظ كوكب الأرض بدرجة حرارته . ونتيجة لزيادة انبعاث تلك الغازات نظراً للنشاطات البشرية المتزايدة منذ بداية العصر الصناعي زاد ذلك من تأثيرها الحابس للحرارة في الغلاف الجوي مما أدى إلى حدوث ظاهرة من أكبر وأخطر الظواهر البيئية السلبية في عصرنا الحالي والتي أطلق عليها ظاهرة "ظاهرة الاحتباس الحراري"
تتطور الحياة كل يوم من خلال الاكتشافات الخطيرة التي يتوصل إليها العلماء في جميع بقاع الأرض. ونتيجة الرصد للظواهر الطبيعية التي تحيط بعالمنا الحالي تنبه العلماء إلى حالة تشكل خطرا حقيقيا" لا يهدد الجنس البشري فحسب أنما يتجاوز تهديد البشر إلى عالم الحيوان والنبات وكل الكائنات الحية على سطح الأرض. وهذا الخطر الجديد هو الاحتباس الحراري. فأنشئت جمعيات وفرق عمل ولجان وأقيمت مؤتمرات ونشط المختصون لدراسة هذه الظاهرة وتحليلها وبيان أهمية الوقوف عندها والاهتمام بها وتسخير كل الطاقات والجهود لتقييم آثارها وتحديد معالمها وأبعادها على العالم كافة . ووضع البرامج اللازمة للحد من مخاطرها ومعالجة تأثيراتها على نحو يخفف من الأضرار المتوقع حصولها على الإنسان والحيوان والنبات والأرض بشكل عام. ظاهرة الاحتباس الحراري Global Warming هي الارتفاع التدريجي في درجة حرارة الطبقة السفلى القريبة من سطح الأرض من الغلاف الجوي المحيط بالأرض. وسبب هذا الارتفاع هو زيادة انبعاث الغازات الدفيئة أو غازات الندرة. وقد شاعت مسميات عديدة لهذه الظاهرة مثل ظاهرة الاحتباس الحراري أو التغير المناخي العالمي أو ظاهرة البيوت الزجاجية أو قد تسمى بمشكلة الدفيئات باعتبار أن كلمة الدفيئة هي التعريب لكلمة (البيت الزجاجي) ومهما تعددت التسميات لهذه الظاهرة فإن المشكلة واحدة وهي تتعلق بارتفاع نسبة الملوثات من الغازات المختلفة. أول من اكتشف هذه الظاهرة في عام 1863م العالم تندل وفي عام 1896م تقدم الكيميائي السويدي فسانت أرهينيوس بنظرية مفادها (( إن الوقود الأحفوري المحترق سيزيد من كميات غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وأنه سيؤدي إلى زيادة درجة حرارة الأرض)) ولم يستخدم مصطلح "الاحتباس الحراري" إلا في الستينيات من القرن العشرين. الاحتباس الحراري هي ظاهرة تهدد الكره الأرضية، لما تحمل من كوارث وتغييرات في المناخ، التي بموجبها تهدد حياه الإنسان والكائنات الحية، وتغير من تضاريس الأرض.
من بين كل النظريات المتقاطعة في هذا الاتجاه ، كان لا بد من الوقوف على التحليل العلمي للظاهرة ، وبالتالي يمكن لنا الاتجاه نحو الخيار الأكثر قبولاً، لا تصل أشعة الشمس التي تسقط على الغلاف الجوي كلها إلى سطح الأرض، إذ ينعكس حوالي ٢٥% من هذه الأشعة إلى القضاء، ويمتص حوالي ٢٣% أخرى في الغلاف الجوى نفسه . وهذا معناه أن ٥٢% فقط من أشعة الشمس تخترق الغلاف الجوى لتصل إلى سطح الأرض . ومن هذه النسبة الأخيرة نجد أن 6% ينعكس عائدا إلى القضاء، بينما يمتص الباقي(46%) في سطح الأرض ومياه البحار ليدفنها . وتشع هذه الأسطح الدافئة بدورها الطاقة الحرارية التي اكتسبتها على شكل أشعة تحت حمراء ذات موجات طويلة ، ونظرا لأن الهواء يحتوى على بعض الغازات بتركيزات شحيحة ( مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان وبخار الماء )، من خواصها عدم السماح بنفاذ الأشعة تحت الحمراء، فأن هذا يؤدى إلى احتباس هذه الأشعة داخل الغلاف. وتعرف هذه الظاهرة باسم " الاحتباس الحراري" أو الأثر الصوبي ولولاه لانخفضت درجة حرارة سطح الأرض بمقدار 33 درجة مئوية عن مستواها الحالي - أي هبطت إلى دون نقطة تجمد المياه – ولأصبحت الحياة على سطح الأرض مستحيلة. وحيث أنه من المتعذر إجراء دراسة مباشرة للتأثير الناجم عن تراكم غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، فقد وضعت خلال العقدين الماضيين طائفة من النماذج الرياضية للتنبؤ بما قد يحدث ، ولقد أوضحت هذه النماذج أنـه لـو تضاعفت تركيزات غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوى عن معدلها في عصر ما قبل الصناعة فإن هذا سيؤدى إلى رفع درجة الحرارة على سطح الأرض بمتوسط يتراوح بين 1.5 – 4.5 درجة مئوية خلال المائة عام القادمة. ولقد بينت تقارير الفريق الحكومي المعني بتغير المناخ (IPCC ) والتي صدرت كل خمسة أعوام منذ 1990 ، أنه إذا أستمر انبعاث غازات الاحتباس الحراري بمعدلاتها الحالية فمن المحتمل أن ترتفع درجة حرارة العالم من 1.5 إلى 6 درجات مئوية في غضون المائة سنة القادمة (الاحتمال الأكبر هو 3 درجات مئوية).
الاقتراحات للحد من مخاطر الاحتباس الحراري في العراق :
• التوعية والتعريف بالمخاطر البيئية المحدقة بنا، وتوفير قاعدة معلوماتية دقيقة ووافية بغية وضعها بين ايدي راسمي الخطط وصناع القرار في المجال البيئي من أجل صوغ معالجات واقعية ناجعة .
• اتخاذ القرارات الصائبة وتنفيذها بدقة للمحافظة على الصحة العامة والبيئة ودرء مخاطر التلوث المدمرة.
• ان أساس النجاح في هذا المضمار يعتمد على مدى القدرة على تنظيم علاقة متوازنة بين الانسان والبيئة وتفعيل دور البحث العلمي وتطبيق نتائجه في حماية البيئة وضمان تحقيق تنمية شاملة تحفظ التوازن بين عناصر النظم البيئية والموارد الطبيعية
• ضرورة الإسراع باعمار وتوسيع الاهوار والاهتمام بها بيئيا وسياحيا لتكون مصدر خير ورخاء للعراق
• القيام بحملة تشجير شاملة لزيـدة المساحات الخضـر مـن خـلال غرس وزرع الأشجار الكبيرة والمعمرة والمثمرة منها للأسباب البيئية اولا وزيادة فرص انتاج الغذاء
• ترشيد الموارد بصورة عامة والمياه خاصة في شتى المجالات وحمايتها من التلوث. حل مشكلات الطاقة والوقود ووسائل النقل من خلال اجراء دراسات علمية واتخاذ للناس خطوات عملية حقيقية لتقليل أو منع الملوثات الناتجة عنها.
• معالجة حالات الفقر والبطالة وتنمية الوعي البيئي وتعزيز الشعور بالمسؤولية الاخلاقية والوطنية والانسانية تجاه البيئة.
• مكافحة التصحر والتخفيف من آثار الجفاف والتي تشمل المحاور: زيادة انتاجية الأرض والماء والعمالة من خلال التوزيع الامثل لهذه الموارد وتحديد أولويات معقولة في الاستثمار، ومنع تردي الاراضي الرعوية وعكس مسار التصحر.
مخاطر الاحتباس الحراري في العراق :
• تزايد الملوحة في الموارد المائية في العراق، ومنها نهري دجلة والفرات بسبب تزايد نسب التبخر المترافق مع ارتفاع درجات الحرارة ليس في العراق فحسب بل وفي دولة المنبع أيضاً.
• لاشك في أن ارتفاع درجات الحرارة سيؤثر بصورة سلبية على عمليات زراعـة المحاصيل والفواكه والخضر فضلاً عن تأثيرات ضارة على الثروات الحيوانية وهي بمجموعها تؤثر على وفرة المصادر الغذائية.
• يؤثر التغير المناخي على النباتات الطبيعية بشكل سلبي في المناطق الحضرية والطبيعية على حد سواء، وقد لوحظ حالياً موت بعض أنواع النباتات المستخدمة في تشجير الأرصفة والمساحات الخضراء في بغداد والمحافظات في موجات الحر القائظ في فصل الصيف الذي تميز بارتفاع كبير بدرجة حرارته وبصورة مميزة عن الفترات السابقة.
• يؤثر ارتفاع درجات الحرارة على الثروة السمكية سلبياً ، فهي من جهة ترفع درجة حرارة الماء ومثل هذا التغير يعد خطراً على الأسماك لاسيما في أطوارها اليرقية، وهو من الجهة الأخرى بسبب إنخفاض الأوكسجين الذائب في الماء الذي يعتبر عاملاً مهماً لحياة الثروة السمكية وتطورها
• الانجراف والتملح والتصلد وتكوين القشرة السطحية للتربة وانخفاض مستوى خصوبتها وتجمع المواد السامة للنباتات.
• أن ارتفاع الحرارة مع كثرة التعرض للأشعة فوق البنفسجية نتيجة ضعف الغطاء الواقي من طبقة الأوزون، سيزيدان من الضباب الكيميائي الضوئي خاصـة فـوق المدن. وارتفاع حرارة الليل تحديداً سيزيد من معدل الوفيات في المدن أيضاً،وزيادة ضعفين أو ثلاثة أضعاف الوفيات الحالية الناتجة عن ضربات الشمس.
امام هذه الحقائق الخطيرة التي انكشفت لنا ، لابد من وقفة جادة للبحث والتفكير والتحليل ودراسة الخيارات المطروحة لدينا . والواقع ليس بالامكان تجاهل المخاطر المحدقة بنا ، واصبح لزاما على الجهات المسؤولة ، الاهتمام والنظرة الجدية للوضع المتدهور الذي يحيط بنا ، وهنا لا بد ان نعترف اننا امام امتحان صعب ومخاض عسير فالمخاطر بالنسبة لبلدنا مركبة وليست بسيطة نتيجـة الوضـع المتدهور في جميع المجالات ، وعلينا واجب وطني وانساني واخلاقي يدعونا لتحمل المسؤولية للنهوض بواقع وطننا وانتشاله من التداعيات الكارثية التي يتهاوى اليها والنهوض به لتفادي المخاطر المصيرية التي تهددنا وحيث انه لا يمكن القفز فوق ظاهرة الاحتباس الحراري ، الا اننا نحاول التخفيف قدر الامكان من النتائج المترتبة.