انت الان في قسم تقنيات البصريات

مقالة علميه للمبرمج مصطفى مرتضى خلف و التدريسي م.م مهيمن سمير عارف بعنوان ( استخدام تقنيّة التعلّم الآلي العميق بهدف تشخيص امراض العيون) تاريخ الخبر: 05/01/2023 | المشاهدات: 318

مشاركة الخبر :

قد لا تبدو هذه العين متضرّرة بنظرك إلا إذا كنت طبيب عيون أو جهاز التعلّم العميق لـ “غوغل”، ولكن إن أعطيت الحاسب كميّةً كافيةً من الصور وخوارزميّةً مناسبةً سيتمكّن من تعلّم الرؤية. وإن كانت العيون الظّاهرة في الصّور أعلاه متضرّرة سيتمكن هذا الحاسب من تعلّم تشخيص أمراض العين بشكلٍ أفضل من تشخيص الإنسان.

يُعاني الأشخاص المصابون بمرض السكّري عادةً من حالةٍ تسُمّى (اعتلال الشّبكيّة السكّري) حيث تتضرّر الأوعية الشّعريّة الدّقيقة بمؤخّرة العين وتبدأ بالترشيح. يُعاني واحدٌ من بين كلِّ ثلاثة مرضى سكّري من هذا الضرر، ويمكن أن تتسبّب بالعمى في حال تُركت دون علاج. مُعالجة هذه الحالة ممكنةٌ في حال التّشخيص المبكّر.

تكمن المشكلة لدى معظم الأشخاص بصعوبة الوصول إلى اختصاصّي عيون قادرٍ على تشخيص الحالة. حيث يتواجد في العالم 387 مليون مصاب بالسكّري بحاجةٍ لمراجعة طبيب عيون للتّمكّن من كشف المرض مبكراً، الوقاية المتّبعة حالياً ليست كافيةً حيث يُعدّ اعتلال الشبكيّة السكّري السّبب الرئيسيّ في عجز الرؤية والعمى عند الأشخاص في سن العمل.

ابتكرت “غوغل” طريقةً لتوظيف التعلّم الآلي عبر تعليم الشّبكات العصبونية كيفيّة تشخيص اعتلال الشّبكيّة السكّري من صور عين المريض، حيث نشرت “غوغل” البحث في صحيفة (الاتّحاد الطّبي الأمريكيAmerican Medical Association ).

تُشابه الشّبكة العصبونيّة دماغاً صُنعياً بشكل مبسّط. بإمكان المهندسين تدريب الشّبكة على التفريق بين الأعين المُصابة وغير المُصابة عن طريق عرض مجموعةٍ كبيرةٍ لصور المرضى المُصابين وغير المُصابين بتضرّر الشّبكيّة. بعد نهاية التّدريب قام فريق “غوغل” باختبار الشّبكة العصبونيّة للتّأكّد من إمكانية الخوارزميّة من تشخيص اعتلال الشّبكة السكّري بنفس دقّة أطبّاء العيون الذين اطّلعوا على نفس الصّور.

حقّقت خوارزميّة “غوغل” نتائج أفضل بقليلٍ من الأطبّاء البشر في هذا الاختبار، حيث تدلّ هذه النتائج على قدرة الشّبكة العصبونيّة على تشخيص المرضى في المستقبل، أو مساعدة الطّبيب في عمليّة التّشخيص على الأقل.

يستخدم الأطباء الآن تقنيّةً مُشابهةً لمساعدتهم في تشخيص أمراض القلب أو بعض أنواع السّرطانات. لا تُجاري التّقنيّة الحاليّة تَقدّم خوارزميّة التعلّم العميق لـ “غوغل” لكنّهما يتشاركان المبدأ ذاته. و يتمكّن الأطبّاء عبر النظر إلى صور جسمك من التّعرف على انسداد الشّرايين في أمراض القلب أو النّمو غير الطّبيعي للسّرطانات سواء من صورٍ شعاعيّةٍ أو صورٍ مقطعيّةٍ. يمتلكُ المُختصُّ في مُعاينة هذه الصور (أخصّائيّ الأشعّة) سنواتٍ طويلةً من الخبرة، وبعد التّمعّن في هذه الصّور يستطيع اختيار المناطق المصابة.

نظرة الإنسان جيّدة بما فيه الكفاية ولكن الإنسان مُعرّضٌ لارتكاب الأخطاء. فإن تمكّن الحاسب من فعل الشيء ذاته سيتمكّن إذن من التفوّق على مقدرة الإنسان في إيجاد الأورام السرطانيّة أو انسداد الشّرايين، ويتلخّص الحلّ المنطقيّ في تعليم الحاسب الفرق بين الصّورة السّليمة والصّورة المُصابة. قد يبدو هذا الحلّ بسيطاً، لأنّ فهم الصّورة يُعتبر مهمّةً بسيطةً أمام البشر.

تكمن المعضلة في فهم الفرق بين صعوبة هذه المهمّة بالنّسبة للحاسب عن صعوبتها بالنّسبة للدّماغ البشريّ. فإذا عُرضت صورة ما على الحاسب لن يتمكّن من رؤية سوى بكسلات بألوان معيّنةٍ مخصّصةٍ لها. بينما إن رأيت أنت الصورة سترى شاطئاً وامرأةً. ويمكنك التّعرّف على نظّاراتها وقبّعتها. وستعلم أنّها تقفز وأنّها ترتدي ثوب سباحةٍ أخضر مُزيّن بزهورٍ بيضاء وللّصورة ألوانٌ غامقة. ولن يتمكّن الحاسب من معرفة هذه التفاصيل إلا إن امتلك رؤيةً حاسوبيّة.

الرؤية الحاسوبيّة هي طريقة تعليم الحاسب “الرؤيّة”، أي معاينة الصّور ومعرفة أنّ هذا الشّخص مستلقٍ على الشّاطئ ويرتدي ثوب سباحةٍ أرجواني، الطّريقة التي تُساعد فيها الحواسب تشخيص الأمراض هي نسخة مبسّطة من الرؤية الحاسوبيّة وتمثّل يداً مساعدةً لكنّها لا تحلّ محلّ عين الإنسان.

يمتلك” غوغل” القدرة على تغيير هذه الحقيقة. حيث لديهم الخبرة اللّازمة في الرؤية الحاسوبيّة إثر امتلاكهم كمّاً كبيراً من البيانات كسبب جزئيّ. يمكنك التحقّق بنفسك من عملها، حيث تستخدم “غوغل” تقنيّة الرؤية الحاسوبيّة لترتيب صورك الشخصيّة. إن ولجت إلى صور “غوغل” Google Photos الآن (بافتراض امتلاكك حساب “غوغل” وعلى الأغلب أنت تمتلك واحداً) يمكنك رؤية الصّور منسّقةً وستتمكّن من البحث عن طريق المصطلح. يمكنك تجربة “صور الثّلج” أو “صور كلاب”. ستظهر صور الثلج والكلاب، ليس بسبب إشارة أحدهم لهذا نصاً، بل بفضل خوارزميّة “غوغل” في الرؤيّة الحاسوبيّة التي تمكّنت من التعرّف على الثّلج والكلاب في الصور.

تشخيص اعتلال الشّبكيّة السكّري هو أحد أوائل التّطبيقات التي وجدتها “غوغل” لفريق الرؤية الحاسوبيّة بالتعلّم العميق. أمّا الفرق الأخرى تعمل الآن على مشاريع أخرى مشابهة. تمتلك جامعة “كونيل” مجموعة (تحليل الرؤية والصّور) تعمل على استخدام الرؤية الحاسوبيّة لتشخيص أمراض الرئة ومشاكل القلب ومشاكل صحّة العظام. وتعمل أيضاً مجموعة فنلنديّة على كيفيّة تشخيص الملاريا من صور الدّم، أمّا شركة IBM فقد قضت عامين في تطوير خوارزميّة لكشف سرطان الجلد.

ستتمكّن الرؤية الحاسوبيّة والتعلّم العميق من تغيير طريقة تشخيص الأطبّاء لمرضاهم يوماً ما. لم توافق (إدارة الغذاء والدواء FDA ) بعد على استخدام هذه التّقنيات في الطّب، لكن إن كان الطريق إلى المستقبل يمرّ من هنا ستجد الإدارة طريقةً لتصريح استخدام الشّبكات العصبونيّة بشكلٍ آمن. في الوقت الحاليّ يمكنك اختبار الرؤية الحاسوبيّة لـ “غوغل” لإيجاد صور حيوانك الأليف، لا تجدي هذه الفكرة أيّ نفع ربما لكنّها كفيلة بقضاء الوقت.