تعلمنا قبل ان ندخل في دراسة منهجية البحث العلمي ان نتعلم كيفية التفكير العلمي بالظواهر والمشكلات ، وكيف ندرب عقلنا على التفكير ، ذلك ان التفكير لدى المواطن البسيط يختلف عن التفكير لدى الباحث ، لان تقكير الباحث يجب ان يسير على وفق خطوات علمية منهجية تصله الى اهدافه مستعينا بالنماذج والنظريات التي ترشده الى ذلك ، أي بتعبير ادق ضرورة التمييز بين التفكير البسيط والتفكير العلمي ، لكن الذي يؤسفنا حاليا ظاهرة الابتعاد عن التفكير العلمي او المنطقي بالظاهرة اذ نلاحظ ان عدد ليس قليل من طلبة
لماجستير تو الدكتوراه يذهب الى تحديد عنوان لبحثه متجاوزا مرحلة التفكير والتخيل والتنبأ التي يجب ان يمر بها العقل البشري قبل الشروع بالكتابة العلمية للبحث .
بل وصل الحال الى تدريس منهجية البحث العلمي وكأنها مجرد ( محفوظه ) نحفظها او نص نحفظه او ( ندرخه ) ، او ان ادوات البحث وبناء الاستمارة هي عملية حفظ لاستمارات سابقة وتوليفها في استمارة جديدة ووضع الغقل جانبا
وهذا ما جعل بعض البحوث تفقد قيمتها العلمية على الرغم من انها قد وضعت لها فقرة اهمية البحث وهي فاقدة لاهم عنصر في بناء البحث العلمي .
وقد اشارت احد الدراسات التي تحولت الى كتاب علمي ترجم الى اللغة العربية الى ان عمليـة إجراء بحـث جيد تتطلب أن تقـوم أولا بتدريـب عقلك علـى التفكير كباحث. وهو مـا يتطلب رؤية ما هو مجـرد من الملاحظات الفعليـة من الناحية العقلية ، اي معرفة طريقة الربط بين النقـاط لتحديد المفاهيـم والأنماط الخفية، ومحاولة مطاوغة هذه الانماط وفقا للنظريات الشـاملة التي تنطبق على سـياقات أخرى خارج المجال حيث يتم إجراء الملاحظات المبدئيـة.
فضلا عن التحرك الثابت ذهابا وإيابا من المخطط التجريبي اذ يتم إجـراء الملاحظات النظرية إلى المخطـط النظري ويتـم تطبيق هذه الملاحظات وفقا للقوانيـن والنظريات الشاملة، وهذا النوع من المهارات يستغرق سنوات عديدة لتتطور، وهى ليست شـيئا يتم تدريسـه للطلاب الجامعيين أو طلاب الدراسـات العليا أو يتم الحصول عليـه في التدريـب الصناعي، اذ يعد مـن الأمور البارزة التي تشـكل عجزا عند العدد الكبير الذي تلمسه حاليا عند بعض طلبة الدراسات العليا. لـذا تحتاج بعض من هـذه التجريدات العقليـة للتفكيـر العلمي أي تفكير الباحث الحقيقي وليس شكل او صورة باحث، اي ما تشـمل وحـدة التحليل والبنيـات أو التركيبـات والفرضيـات والنظريـات والتفعيـل والنمـاذج والاسـتقراء والاسـتدلال .
هذه المقالة هي دعوة لحماية البحث العلمي من الانحدار .
بقلم الدكتور اكرم فرج الربيعي رئيس قسم الاعلام