انت الان في قسم الاعلام

قراءه في اعمال الفنان تحرير علي تاريخ الخبر: 14/02/2023 | المشاهدات: 186

مشاركة الخبر :

تكشف لنا المسيرة الفنية للفنان (تحرير علي ) عن مضامين إنسانية ارتبطت بمكان الفنان وبيئته الطفولية وعن مدى تعلّق الفنان بجذوره القديمة مع عدم إغفال تفاصيلها الدقيقة المدونة على جدران الأزقة التي أحاطت بشط العرب مثلها الفنان (تحرير علي )كجزء من موروثات المحيط جسدها باستخدام لوني متنوع ما جعله يتمكن اثارة المتلقي ليندمج إحساس المتلقي مع إحساس الفنان ، فرطوبة شط العرب تفوح من ثنايا اعماله لتكسبها إحساساً عميقاً بالحياة والاشتياق إلى عوالم الحب واللذة المشبعة بثرثرات الحياة اليومية ضمن الواقع الاجتماعي ,ويحقق (تحرير علي ) مكانته بالمنجز الذاتي في اعماله الفنية كاشفاً عن علاقته بالبيئة والهوية والتوقيع من خلال إنتقاء مخياله لزاوية النظر الخالصة مؤكداً على الثوابت القديمة المعرضة للهدم والزوال في الوقت الذي لا يقف موقف الباكي على الأطلال بل يضع ذاته موضع الراصد في محاولة دمج الذاتي مع الفضاء اللامحدود للموضوعي ..
وتظهِر في اعمال الفنان (تحرير علي ) مضامين اجتماعية عديدة تعبّر عن سرد تاريخي لمرويّات كبرى ترسبت في اللاوعي الثقافي للمجتمع الذي تناولها (تحرير علي ) كحكاية للتسلية وبشكل لا يخلو من عِبرَة لذلك فقد عمد الفنان إلى استحضار رمز ذات موروث الشعبي .
و يتضح في اعمال( تحرير علي) الدلالة السيمائية التي اخذت ابعادا فكرية وجمالية من خلال اعادة تركيب الواقع بشكل غير واقعي محمل باللاشعور وما به من اشارات ورموز, والتي ظهرت من خلال الصدى لنداءات الذات القلقة والتي تبحث عن الحرية والاستقرار وقد تحققت من خلال استخدام الوسائل الحدسية لتجسيد الظواهر العقلية ، ومن خلال ارتباطها بعالم الجنس ، وجعلها دلالة واقعية جديدة من الافكار والموضوعات لقد استعان الفنان(تحرير علي) تماهياً بجماليات مقتبسة من الافكار والاشكال المختلفة فقد زاوجها الفنان (تحرير علي ) في اعماله الفنية التي تقوم على عمليات استحضار وجمع بين الأشياء المتناقضة واللامترابطة كنماذج فنية متنوعة ذات دلالات مختلفة , فنرى الفنان (تحرير علي) يعمل ومن خلال البيئة إلى أن يربط ما بين الفضاء التشكيلي والمتلقين، يخرج الفرد من خلاله عن كونه فردا ليبني له فضاءً آخر ضمن إطار فضاء التشكيل ذاته، وقد يعمل العرض البصري على التكيف فيزيائيا وتقنيا مع الأشياء الطبيعية .
حيث اصبحت اعماله الفنية شيئا فشيئا تفقد الروابط التي تجمع عناصرها في وحدة واحدة, وتعددت بذلك المراكز وتشتت الأشكال إلى رموز وعلاقات لتسجيل حالة التشتت من خلال خرق الرؤية التقليدية للوحة التشكيلية وإعادة تشكيلها وفق رؤية جديدة، ومعالجات جديدة للسطح التصويري، طبقا إلى ذائقيه ترتبط بإزاحات قيمية كبيرة .
جاءت المعالجات الشكلية في اعمال الفنان (تحرير علي )، لتصوغ أشكال اعتمد فيها الخطوط المنسابة بفطرية لا يمكن معرفة ما سيؤول إليه الشكل. وبتقصي هذا الأمر في الشخصية الرئيسية في هذه ا لا عمال وبالإيغال في ركام الأشكال التي تشكل أرضية العمل، نجد الفوضى العارمة في صياغة أشكال فقدت هويتها إلا من بعض الملامح الآدمية والحيوانية ذات الخطوط المرنة العشوائية التي يغيب عنها أي تكوين أو نظام هندسي تبعاً لمرجعيتها الفطرية البدائية.
كما أكتسب اعمال (تحرير علي ) بعداً دلالياً تجلى عبر المعالجة الشكلية والأسلوبية والتقنية فتشكلت الاعمال الفنية للفنان ( تحرير علي )انعكاساً للحياة الاجتماعية والاقتصادية السائدة أي كلما زاد التطور الاجتماعي والاقتصادي والفكري خاصة انعكس ذلك ايجابياً على انتاجه الفني .
وان ما توصل اليه (تحرير علي ) في اعماله يرتبط بالمحاولات السابقة ( التخطي والتجاوز والتسطيح والذاتية والحرية ) على صعيد تطور اشكال التعبير ووسائله والتخلص من بعض القيود الموروثة، والثورة عليها ، فكانت اعماله التعبيرية كظاهرة تجسدت بوضوح في بداياته الفنية .والتي تتميز اعماله بالتعبير التلقائي المباشر والاهتمام بالفكرة التي يجسدها الشكل المبسط و الخطوط التي رسمت من دون تفكير معمق ، او تعقيد ، هذا الاسلوب المباشر في التعبير يلتقي مع العفوية التي يتبعها الأطفال في رسومهم و ان نتاج (تحرير علي )وحركته مادة اساسية له وهي تشير الى مجموعة خطوط في حركة اهتزازية مستمرة وهي تعد رفضا وتجاوزا للثبات والاستقرار المتحقق في الرسم التشبيهي.
بقلم الست م.م حنين محمد عبيد