انت الان في كلية القانون

مقالة بعنوان " الأعمال التجارية والأعمال المدنية " م.م ثامر عبد الجبار عبد العباس السعيدي تاريخ الخبر: 12/01/2022 | المشاهدات: 3274

مشاركة الخبر :

كلية المستقبل الجامعة/ قسم القانون

الأعمال التجارية والأعمال المدنية
التدريسي : م.م ثامر عبد الجبار عبد العباس السعيدي


ﻟﻡ ﻴﻀﻊ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ العراقي ﺘﻌﺭﻴﻔﺎﹰ للأعمال ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻴـﺔ في قانون التجارة العراقي النافذ رقم 30 لسنة 1984، ﻭلم يضع ﻤﻌﻴـﺎﺭﺍﹰ ﻭﺍﻀـﺤًﺎ لتمييزها من غيرها من الأعمال المدنية الأخرى ، ﺭﻏﻡ إن اﻷﻋﻤﺎل ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻴﺔ ﻫﻰ ﻤﺤﻭﺭ ﺘﻁﺒﻴـﻕ ﺍﻟﻘـﺎﻨﻭﻥ التجاري سواءً أخذنا بالنظرية الموضوعية، أم بالنظرية الشخصية التي تعد العمل تجاريًا متى ما قام به التاجر ،ويعد قانون التجارة العراقي النافذ قانونًا موضوعيًا بالدرجة الأولى؛ والسبب في ذلك لأنه تبنى الأخذ بالنظرية الموضوعية؛ لتحديد نطاقه على طبيعة العمل دون إعتبارٍ لمن يباشر هذا العمل، فقانون التجارة وفقًا لهذا التصور والمفهوم، هو قانون العمل التجاري، بيد إن المشرع العراقي في الوقت ذاته لم يهمل الحرفة التجارية، والأشخاص الذين يمارسون العمل التجاري وفقًا للنظرية الذاتية، وتأسيسًا لما تقدم ذكره فإن العمل التجاري يخضع لأحكام نظامٍ قانونيٍ يختلف تمامًا عن العمل المدني.
وحريٌ عن البيان، إن الأصل في الأعمال أنها تكون مدنية بطبيعتها؛ إذ لا تثبت صفة التاجر إلا للشخص الذي يمارس العمل التجاري على سبيل الاحتراف، وذلك متى ما تمتع هذا التاجر بالأهلية الخاصة لممارسة الأعمال التجارية، وتوافرت فيه شروط إكتسابه لصفة التاجر، ومن ثم فإن التعاملات التي يقوم بها ذلك التاجر تخضع لقواعد قانونية خاصة، تختلف عن تلك الأعمال التي يقوم بها غير التاجر والتي تخضع لقواعد القانون المدني .
إن الفقه الإسلامي لم يفرد قواعد خاصة للأعمال التجارية؛ إذ لم يفرق بين الأعمال التجارية والمدنية، ولم يفرق بين التاجر وغير التاجر، بل إن أحكام المعاملات المالية في الفقه الإسلامي هي نوعٌ واحدٌ لا أكثر؛ فالتفرقة بين الأعمال التجارية والمدنية هي نظريةٌ وضعت قواعدها حديثًا نسبيًا؛ نتيجة المستجدات التي أفرزها التوسع الكبير والحديث في التجارة الداخلية والتجارة الدولية، والتي أدت الحاجة الضرورية والملحة في الحياة التجارية، إلى ضرورة تمييز الأعمال التجارية بنظامٍ قانوني يختلف تمامًا في قواعده وأحكامه من النظام القانوني الذي يحكم الأعمال المدنية .
إن اﻟﻘــﻮاﻧﻴﻦ اﻟﺘﺠﺎرﻳــﺔ المقارنة قد خصت اﻷﻋﻤــﺎل اﻟﺘﺠﺎرﻳــﺔ ﺑﻘﻮاﻋــﺪٍ قانونيةٍ ﺧﺎﺻــﺔٍ ﺗﻤﻴﺰﻫﺎ مـﻦ القواعد القانونية التي تحكم اﻷﻋﻤــﺎل اﻟﻤﺪﻧﻴــﺔ، وقد أﺛﺒﺘــﺖ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ الواقعية ﺣﺎﺟﺔ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ إلى ﻫﺬه اﻟﻘﻮاﻋﺪ القانونية ،إذ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺑﺘﻄﺒﻴﻘﻬﺎ ﻣﻴﺰﺗﺎن ﻣﻬﻤﺘـﺎن ﺗﺘﻄﻠﺒﻬﻤـﺎ اﻟﺘﺠـﺎرة وﻫﻤـﺎ ﻣﻴـﺰتي اﻟــﺴﺮﻋﺔ واﻻﺋﺘﻤـﺎن، أي ﺗﻌﺰﻳــﺰ اﻟﺜﻘــﺔ ﺑـﻴﻦ أﻃــﺮاف اﻟﻌﻤـﻞ اﻟﺘﺠــﺎري ﻋﻨـﺪ اﻟﻤﻌﺎوﺿــﺔ ، أو عند اﻹﻗــﺮاض ﺑﺎﻵﺟﻞ مثلًا، وبذلك فإن الأعمال التجارية تخضع لنظام قانوني يختلف في قواعده عن النظام القانوني للأعمال المدنية ، والحال يقضي إبتداءً بإختلاف هذين النظامين القانونين، من حيثياتٍ متعددةٍ، مثل إختلاف الإختصاص القانوني والقضائي لكليهما ، ومن حيث الصفة التجارية للتاجر والعمل ، ومن حيث الفوائد ، ومن حيث العجالة في نظر الدعوى وتنفيذ الأحكام القضائية ، والتنفيذ المباشر، لكن رغم ذلك فإن هنالك تشابهًا كبيرًا، ما بين هذين النظامين القانونيين، من حيثياتٍ عديدةٍ ، أيضًا ، مثل وحدة القوانين الإجرائية التي يخضع لها كلا النظامين مثل قانون الإثبات العراقي رقم 107 لسنة 1979 النافذ والمعدل، وقانون التنفيذ العراقي رقم 45 لسنة 1980 النافذ والمعدل، وقانون المرافعات المدنية رقم 83لسنة 1969 النافذ والمعدل ، وقانون التسجيل العقاري رقم 43 لسنة 1971 النافذ والمعدل ، وقانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980 النافذ والمعدل .
بيد إن هنالك بعض المواضيع التي تتشابه في كلا النظامين، وفي ذات الوقت لها خصوصية في كل نظام وتختلف من نظامٍ لآخر، ومثالها مدد التقادم ؛ إذ يخضع كلا النظامين لمدد تقادمٍ واحدةٍ فيما يتعلق بالكثير من الأمور، لكن هنالك مدد تقادمٍ، يكون لها خصوصيةً في القانون التجاري مثل تقادم الدعاوى الصرفية الناشئة عن الورقة التجارية، كدعاوى الضامنين بعضهم على بعضٍ في الورقة التجارية ومدتها ستة أشهر، بينما تخضع جميع العلاقات القانونية السابقة على إنشاء الورقة التجارية وسحبها وتظهيرها، لأحكام التقادم العامة الموجودة في القانون المدني، ففي الحالة الأولى تكون مدد التقادم خاصةً، أما في الحالة الثانية فإن مدد التقادم هي ذاتها في كلا النظامين.
ورغم ذلك فإن إتصاف العمل بالصفة التجارية ، يضفي عليه ميزةٌ مهمةٌ وواقعيةٌ أخرى ، ألا وهي ميزة التشدد؛ لأجل حماية حقوق الدائن التجاري الذي منح المدين ثقته منذ البداية ،وبذلك فإن مصلحته تكون أجدر وأولى بالرعاية، وإن أدت هذه الرعاية إلى القسوة على المدين بالدين التجاري في بعض الأحيان، وهو أمر لا نجده في الأعمال المدنية والتي يؤخذ فيها جانب المدين بنظر الإعتبار ويراعى حاله وظروفه، وقد قسم فقهاء القانون الأعمال التجارية إلى أنواعٍ متعددةٍ وهي :
1- الأعمال التجارية بحكم ماهيتها وطبيعتها :
وتسمى بالأعمال التجارية الأصلية، وهي تُعد أعمالٌ تجاريةٌ، بغض النظر عن صفة القائمين بها؛ أي سواءً أصدرت من تاجرٍ أم غير تاجرٍ، وسواءً جرت بصورةٍ متكررةٍ أم لمرةٍ واحدةٍ.
2- الأعمال التجارية بالتبعية:
وهي الأعمال التي تعد مدنيةٌ بحسب الأصل لكنها تكتسب الصفة التجارية، متى ما قام بها التاجر لشؤونٍ تتعلق بتجارته،وإن جوهر ومضمون نظرية الأعمال التجارية بالتبعية، يقوم على فكرة التبعية بشقيها الشخصي والموضوعي، فالتبعية الشخصية مقتضاها، أن يكتسب العمل المدني الوصف التجاري؛ لكون القائم به هو تاجرٌ، وتعلق هذا العمل بشؤون تجارته كمن يقوم بشراء سيارةٍ لنقل بضائعه، بينما التبعية الموضوعية ففحواها أن العمل المدني يكتسب الوصف التجاري؛ لكونه تابعٌ لعملٍ تجاري أصلي، وسواءً أكان القائم به تاجرًا أم غير تاجرٍ، وذلك تطبيقًا لقاعدةٍ فقهيةٍ مفادها أن الفرع يتبع الأصل ويأخذ حكمه.
3- الأعمال التجارية المختلطة :
وهي الأعمال التي تكون تجاريةٌ بالنسبة إلى أحد طرفيها، في حين تعد مدنيةٌ بالنسبة إلى الطرف الآخر، وهذا ما يطلق عليه الأعمال المختلطة.
4- الأعمال التجارية الشكلية:
وهي الأعمال التي تكتسب الصفة التجارية متى ما إستوفت الشكل الذي يقرره القانون .