المقدمة
تُعرف تقرحات الفم، والتي تُسمى أيضاً التقرحات القلاعية أو القرحات الفموية، بأنها آفات شائعة تظهر على الأغشية المخاطية داخل الفم. وعلى الرغم من أنها غالباً ما تكون حميدة، إلا أنها قد تُسبب انزعاجاً كبيراً وتؤثر على الأكل والكلام وجودة الحياة بشكل عام. هناك العديد من العوامل المتهمة في حدوث هذه التقرحات، مثل التوتر، والرضوض، والتغيرات الهرمونية، والحالات الصحية الجهازية. ومن بين هذه العوامل، تُعد التغذية عاملاً مهماً، سواء كمسبب لتكوّن التقرحات أو كمؤثر على عمليات الشفاء.
نقص التغذية وتقرحات الفم
ترتبط عدة أنواع من نقص المغذيات الدقيقة بحدوث تقرحات الفم، ومن أبرزها:
1. نقص الحديد: يُعد الحديد ضرورياً للحفاظ على صحة الأنسجة الطلائية ووظيفة الجهاز المناعي. ويمكن أن يؤدي نقصه إلى ضعف سلامة الغشاء المخاطي وزيادة القابلية لتكوّن التقرحات.
2. نقص فيتامين B12 وحمض الفوليك: يرتبط هذا النقص بشكل شائع بالتهاب الفم القلاعي المتكرر، إذ إن هذين الفيتامينين ضروريان لتكوين الحمض النووي وانقسام الخلايا، خصوصاً في الأنسجة المتجددة بسرعة مثل الغشاء المخاطي للفم.
3. الزنك: الزنك مهم جداً لإصلاح الأنسجة وتنظيم الجهاز المناعي، وقد تم رصد نقصه في المرضى الذين يعانون من تقرحات فموية مستمرة أو متكررة.
4. فيتامين C:ضروري لتكوين الكولاجين والتئام الأنسجة، وقد يؤدي انخفاض مستوياته (كما في داء الأسقربوط) إلى نزيف اللثة وظهور تقرحات مخاطية.
العادات الغذائية وتكوّن التقرحات
إلى جانب نقص المغذيات، فإن العادات الغذائية العامة قد تؤثر على حدوث تقرحات الفم. فالأطعمة الحارة أو الحمضية أو المالحة قد تُهيّج الغشاء المخاطي الفموي وتزيد من تفاقم الآفات الموجودة. كما أن الحساسية أو التحسس من بعض الأطعمة – مثل الغلوتين لدى مرضى الداء الزلاقي – قد تظهر في شكل تقرحات فموية كأحد الأعراض المبكرة.
دور الجهاز المناعي والتغذية
تلعب التغذية دوراً في كفاءة الجهاز المناعي. فالوضع الغذائي السيئ قد يؤدي إلى ضعف المناعة، مما يجعل تجويف الفم أكثر عرضة للإصابة بالعدوى وأبطأ في التعافي من الإصابات المخاطية. وعلى العكس، فإن النظام الغذائي المتوازن الغني بالفواكه والخضروات والبروتينات الخالية من الدهون والحبوب الكاملة يمكن أن يعزز الدفاعات المخاطية ويسرّع من شفاء التقرحات.
العلاج والوقاية
يؤدي تصحيح نقص المغذيات إلى تحسن واضح في وتيرة وشدة التقرحات الفموية. وينبغي النظر في استخدام المكملات الغذائية مثل فيتامينات B والحديد والزنك عندما تؤكد التحاليل المخبرية وجود نقص. كما أن اعتماد نظام غذائي مضاد للالتهابات وغني بالعناصر الغذائية يمكن أن يُساعد في الوقاية وتحسين صحة الفم بشكل عام.
الخلاصة
توجد علاقة قوية بين التغذية وتطور تقرحات الفم. فالنقص الغذائي، وسوء العادات الغذائية، وضعف الوظيفة المناعية الناجم عن قلة المغذيات يمكن أن تُساهم جميعها في تكوّن التقرحات. ويُعد التعامل مع هذه العوامل من خلال التعديلات الغذائية والمكملات – عند الحاجة – خطوة مهمة ليس فقط لتقليل حدوث التقرحات، بل أيضاً لتحسين سرعة الشفاء وراحة المريض.
جامعة المستقبل الجامعة الاولى في لعراق .