لطالما قيل إن الوقاية خير من العلاج، لكن في كثير من الأحيان، لا يدرك الناس أهمية هذه العبارة إلا بعد فوات الأوان. فالأمراض المزمنة، مثل السكري، ارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، لا تظهر فجأة، بل تتطور على مدار سنوات بصمت، دون أن يشعر الشخص بأي أعراض واضحة. وهنا يأتي دور الفحوصات المختبرية، التي تعد سلاحًا قويًا للكشف المبكر عن أي خلل صحي قبل أن يتحول إلى مشكلة خطيرة.
يتوجه شخص ما إلى المختبر لإجراء فحص روتيني بناءً على نصيحة طبيبه أو بدافع الاطمئنان، ليكتشف من خلال تحليل بسيط لمستوى السكر في الدم أنه في مرحلة ما قبل السكري. في هذه المرحلة، يمكنه تعديل نمط حياته، مثل تقليل استهلاك السكريات، ممارسة الرياضة، ومراقبة نظامه الغذائي، مما قد يمنعه من الإصابة بالمرض بالكامل.
مثال آخر نجده في فحوصات الدهون الثلاثية والكوليسترول، التي تكشف مبكرًا عن احتمالية الإصابة بأمراض القلب وتصلب الشرايين. الشخص الذي تظهر لديه نتائج غير طبيعية قد لا يشعر بأي أعراض، لكنه في الواقع معرض لخطر الإصابة بنوبة قلبية في المستقبل إذا لم يتخذ إجراءات وقائية. بفضل هذا الفحص، يمكنه تغيير نظامه الغذائي، والابتعاد عن الدهون المشبعة، والبدء في ممارسة النشاط البدني للحفاظ على صحة قلبه.
ولا يمكن أن نغفل عن أهمية الفحوصات التي تكشف عن وظائف الكبد والكلى، حيث يمكن أن تعطي إنذارًا مبكرًا عن وجود مشكلات في هذه الأعضاء قبل أن يصل الشخص إلى مرحلة متقدمة تتطلب علاجات معقدة أو حتى عمليات جراحية.
إجراء الفحوصات الدورية لا يعني فقط معرفة الوضع الصحي الحالي، بل هو بمثابة خريطة طريق لحياة صحية أطول. فمن خلال هذه الفحوصات، يستطيع الشخص اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن صحته، سواء من خلال تعديل عاداته اليومية أو بدء العلاج في الوقت المناسب. وفي النهاية، فإن الوعي بأهمية الفحوصات المختبرية وتحويلها إلى عادة دورية يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا، ليس فقط في حياة الفرد، بل في صحة المجتمع ككل، حيث تقل نسب الإصابة بالأمراض المزمنة وتتحسن جودة الحياة للجميع
المراجع:-
1-Guyton and Hall Textbook of Medical Physiology
يشرح بالتفصيل وظائف الجسم وتأثير الأمراض المزمنة
2-Tietz Textbook of Clinical Chemistry and Molecular Diagnostics
مرجع مهم حول الفحوصات المختبرية وتحليل النتائج الطبية
3- Harrison's Principles of Internal Medicine
يوضح دور التحاليل المختبرية في تشخيص الأمراض المزمنة
4-World Health Organization (WHO). "Lipid Profile Testing and Cardiovascular Disease Prevention." WHO Reports, 2023.
جامعة المستقبل
الجامعة الاولى في العراق