التلفزيون يُعد واحداً من أبرز وسائل الإعلام تأثيراً في المجتمعات، ولا يختلف الوضع في العراق حيث لعب التلفزيون دوراً محورياً في تشكيل الواقع السياسي والاقتصادي للبلاد، خاصة في ظل التغيرات الكبرى التي مرت بها منذ مطلع القرن الحادي والعشرين.
التلفزيون والواقع السياسي
التلفزيون في العراق له تأثير بارز على الساحة السياسية من خلال:
1. التعبئة السياسية:
مع انتشار القنوات الفضائية بعد عام 2003، أصبح التلفزيون وسيلة رئيسية للتأثير على الرأي العام وتوجيهه. استخدمت القوى السياسية العراقية القنوات التلفزيونية كأداة للترويج لأجنداتها وتسليط الضوء على قضايا معينة تخدم مصالحها.
2. صناعة الرأي العام:
أصبح المواطن العراقي يتلقى المعلومات السياسية في الغالب عبر التلفزيون، ما يجعل المحتوى الذي يُبث قادراً على التأثير على مواقفه السياسية. برامج النقاش السياسي والتغطيات الإخبارية تلعب دوراً في تشكيل الوعي السياسي للمجتمع، وأحياناً تسهم في زيادة الاستقطاب بين المكونات السياسية والطائفية.
3. الاستقطاب السياسي والطائفي:
أدت طبيعة بعض القنوات إلى تعزيز الانقسامات الطائفية والسياسية من خلال انتقاء محتوى يخدم طرفاً دون الآخر. أدى هذا الدور إلى تأجيج التوترات السياسية في أوقات الأزمات.
التلفزيون والواقع الاقتصادي
على المستوى الاقتصادي، ساهم التلفزيون في:
1. زيادة الوعي الاقتصادي:
من خلال البرامج الاقتصادية والنشرات الإخبارية، يساهم التلفزيون في زيادة وعي المواطن بالقضايا الاقتصادية، مثل أسعار النفط، والتحديات الاقتصادية، والموازنة العامة، ما يجعل المواطن أكثر اطلاعاً على التأثيرات الاقتصادية على حياته اليومية.
2. الترويج للاستثمار:
استُخدم التلفزيون للترويج للاستثمارات والمشاريع الاقتصادية، سواء كانت حكومية أو خاصة. كما لعب دوراً في جذب انتباه المستثمرين الأجانب عبر تسليط الضوء على الفرص الاستثمارية المتاحة في العراق.
3. نقل الأزمات الاقتصادية:
التلفزيون وسيلة أساسية لنقل صورة عن الواقع الاقتصادي، سواء فيما يتعلق بمشاكل البطالة، أو الفقر، أو الفساد المالي والإداري. في بعض الحالات، ساعدت التغطيات الإعلامية في دفع الحكومة إلى اتخاذ قرارات لمعالجة أزمات اقتصادية معينة.
التحديات والمخاطر
1. التضليل الإعلامي:
في بعض الأحيان، تفتقر القنوات إلى الحيادية، ما يؤدي إلى نشر معلومات مغلوطة أو مضللة تؤثر سلباً على الاستقرار السياسي والاقتصادي.
2. التأثير السلبي على الاستثمار:
التركيز على الأزمات والمشاكل الأمنية والسياسية قد يُضعف الثقة بالاقتصاد العراقي ويؤثر على تدفق الاستثمارات.
3. تعزيز الانقسامات الاجتماعية:
بدلاً من أن يكون التلفزيون أداة لتعزيز الوحدة الوطنية، تستغل بعض الأطراف الإعلامية التلفزيون كوسيلة لتكريس الانقسام الطائفي والسياسي.
الخاتمة
يُعتبر التلفزيون في العراق سلاحاً ذا حدين، فهو من جهة يُسهم في توعية المواطنين بقضاياهم السياسية والاقتصادية، ومن جهة أخرى قد يتحول إلى أداة لاستغلال الانقسامات وزيادة التوترات. ولتحقيق تأثير إيجابي، يجب أن يكون الإعلام التلفزيوني في العراق أكثر مهنية وحيادية، مع التركيز على دوره كوسيلة لتقريب وجهات النظر وتعزيز التنمية السياسية والاقتصادية.
جامعة المستقبل الجامعة الاولى في العراق .