مقالة علمية عن التعليم الأخضر الاستاذ الدكتور محمود داود الربيعي – جامعة المستقبل – العراق - بابل تاريخ الخبر: 02/02/2025 | المشاهدات: 77

مشاركة الخبر :

التعليم الأخضر
أدى تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والتلوث لأزمة كوكبية تتطلب استجابة عاجلة. يصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أزمة المناخ بأنها "معركة من أجل حياتنا"، حيث ما نزال نكافح لتحويل مجتمعاتنا للوصول إلى مسار 1.5 درجة الذي أوصى به اتفاق باريس. في عالم متزايد التعقيد والترابط مع تهديد وجودي حقيقي مثل تغير المناخ، هناك دعوة متزايدة للتعليم لتمكين الأفراد، كعوامل للتغيير، من اكتساب المعرفة والمهارات والقيم والمواقف التي تؤدي إلى التحول الأخضر. لمجتمعاتنا، على النحو المنصوص عليه في الهدف 4.7 من أهداف التنمية المستدامة، وفي الواقع، في خطة عام 2030 بأكملها.

ومع ذلك، تُظهر النتائج الأخيرة التي توصلت إليها اليونسكو أن حوالي نصف البلدان المائة التي تمت مراجعتها لم تذكر تغير المناخ في أطر مناهجها الوطنية. وبينما شعر 95% من المعلمين الذين شملهم الاستطلاع بأهمية تدريس تغير المناخ، شعر أقل من 30% بأنهم مستعدون للتدريس حول تغير المناخ فيما يتعلق بسياقهم المحلي. ويتناقض هذا مع النداء العاجل الذي أطلقه الشباب خلال حدث ما قبل مؤتمر الشباب من أجل المناخ في عام 2021، والذي يدعو الحكومات إلى تغيير أنظمة التعليم لتعليم المستقبل.

وباعتبار وكالة الأمم المتحدة الرائدة في مجال التعليم من أجل التنمية المستدامة (ESD)، تقود اليونسكو الجهود العالمية مع الشركاء وأصحاب المصلحة لتعزيز التعليم التحويلي لمعالجة أزمة الكوكب، من خلال الإطار العالمي الجديد للفترة (2020 – 2030)، بعنوان "التعليم من أجل التنمية المستدامة: نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة "(التعليم من أجل التنمية المستدامة لعام 2030)، والذي يركز على 5 مجالات عمل ذات أولوية تتعلق بالسياسة ومؤسسات التعلم والمعلمين والشباب والمجتمعات لضمان تمكين جميع المتعلمين بالمعرفة والمهارات والقيم اللازمة والمواقف لقيادة التحول المجتمعي الأخضر.
يقع على المؤسسات التربوية والتعليمية بأكملها قيادة التحول لضمان تمكين جميع المتعلمين بالمعرفة والمهارات والقيم والمواقف اللازمة لقيادة التحول المجتمعي الأخضر. وينبغي بذل الجهود لتحريك ثقافة المؤسسة التربوية والتعليمية نحو التعاون والتضامن والممارسات المستدامة وإدماج جميع الأجناس والخلفيات حتى يتمكن الطلاب من تعلم ما يعيشونه ويعيشون ما يتعلمونه.
قضية التغيرات المناخية إحدى التحديات التي تواجه العالم الآن؛ بسبب تأثيراتها في المناحي المختلفة، فبسبب التغيرات المناخية صرنا نواجه ظواهر لم نعتدها من قبل، ولذلك وجدت الدول أن هناك ضرورة ملحة لتوعية المواطنين بهذه الظواهر وكيفية التعامل معها، حتى نحد منها، بالإضافة إلى تعلم كيفية التعامل مع هذه الظواهر الجديدة. ومن هنا تأتي أهمية التعليم باعتباره أداة مهمة لتوعية أفراد المجتمع، وتعريفهم بتداعيات التغير المناخي وآليات التعامل مع الواقع الجديد بشكل صحيح. ومن ناحية أخرى فنشء اليوم هم صانعو القرار في المستقبل، فعلينا أن نضع نصب أعينهم التحديات التي وصل إليها المجتمع.
وبناءً على ذلك، فرضت التغيرات المناخية مفهوماً جديداً في التعليم يُطلق عليه التعليم الأخضر أو بالأدق المدرسة الخضراء، وكلها مصطلحات تشير إلى تأكيد ربط مخرجات العملية التعليمية بشتى المراحل الدراسية المختلفة بمقومات التنمية المستدامة ومواكبة التطور التكنولوجي وتوظيف تقنياته في شتى مجالات العملية التعليمية؛ استناداً لمجموعة معايير ومؤشرات صديقة للبيئة.
نصت المادة 6 من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغيّر المناخ، والتي يطلق عليها برنامج عمل نيودلهي (2002 - 2012) ، على أن التعليم والتدريب والوعي العام جزء لا يتجزأ من الاستجابة لمواجهة تغير المناخ.
صار التعليم الأخضر اتجاهاً متنامياً لدى العديد من الدول ومنها دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث صارت الاستدامة وحماية البيئة من الأولويات الوطنية، وتهدف لتعزيز الممارسات المستدامة وإعداد الطلاب لشغل وظائف في المجالات المتعلقة بالاستدامة.
التعليم الأخضر مفهوم بيئي وتنموي
يُعد مفهوم التعليم الأخضر من المفاهيم الحديثة، وهو يتضمن شقين، الشق الأول يرتبط بالجانب البيئي والشق الثاني يركز على التنمية المستدامة، ولا يمكن فصل الشقين حيث يهدف التعليم الأخضر إلى زيادة الوعي البيئي لدى الطلاب، وتنمية وتحسين مهاراتهم العقلية والاجتماعية؛ لتوفير بيئة صحية ومستدامة، وتعزيز ممارسة أنشطة صديقة للبيئة.
فالتعليم الأخضر، هو عملية تثقيف وتوعية للنشء لخلق جيل قادر على تحديد المشكلات البيئية التي يعاني منها الكوكب، ووضع حلول لها، وضوابط من شأنها ضمان عدم تصاعد مثل هذه المشكلات وتفاقمها. ويتم ذلك من خلال العديد من الأشكال، عن طريق مناهج المدارس الابتدائية والثانوية التي تُعلم الطلاب العلوم البيئية والحفاظ على البيئة، إلى البرامج الجامعية التي تُدرب المهنيين على الممارسات والتقنيات المستدامة.
ومن ثم يشير التعليم الأخضر إلى البرامج والمبادرات والممارسات التعليمية التي تركز على تعزيز الاستدامة البيئية والحفاظ عليها. وهي تشمل مجموعة واسعة من الموضوعات، بما في ذلك الطاقة المتجددة، والحد من النفايات، والحفاظ على المياه، والزراعة المستدامة، والممارسات الصديقة للبيئة في صناعات مثل النقل والبناء.
ويساعد التعليم الأخضر في توضيح معنى الاستدامة وفهمها، ويسعى لتدريب الطلاب على المشاركة في أنشطة وممارسات عملية بهدف تعزيز المهارات الحياتية التي تتسق مع الاستخدام الصحيح للموارد، وتوظيف التكنولوجيا المتطورة في خلق بيئة محفزة لبناء مهارات الإبداع والابتكار والمشاركة الاجتماعية وتنمية الثقافة الفكرية والتواصل الفعال بين جميع عناصر العملية التعليمية وفق معايير صديقة للبيئة.
ومن جانبها عرفت منظمة "اليونسكو"، التعليم الأخضر بأنه "عملية تثقيفية شاملة تتضمن عدة جوانب معرفية ومهارية ووجدانية، وتهدف إلى إعداد مواطن قادر على توقع المشكلات البيئية المستقبلية وتأهيله وتدريبه على سيناريوهات مواجهة تلك المشكلات، مما يساعد في الحد من تأثيرها".
وفي هذا الإطار يمكن القول إن الهدف النهائي للتعليم الأخضر هو بناء مستقبل أكثر استدامة لكوكبنا من خلال تعزيز الإشراف المسؤول على الموارد الطبيعية وتقليل الضرر الذي يلحق بالبيئة. وهذا يتطلب نهجاً شاملاً يتضمن المعرفة العلمية والاعتبارات الأخلاقية والحلول العملية للتحديات البيئية في العالم الحقيقي.

ما هو التعليم الأخضر؟
يعد التعليم الأخضر أحد المفاهيم الحديثة التي تعبر عن نوع من التعليم يخدم المجال البيئي ، وقد اهتمت معظم دول العالم بهذا المفهوم في ظل العناية بالبيئة والسعي نحو تحقيق التنمية المستدامة ، کما يعد أحد النماذج الجديدة لتعليم عالي الجودة ، والذي يهتم بتوفير بيئة طبيعية جاذبة من حيث تصميم المباني المدرسية ، والمساحات الخضراء ، وتعزيز ممارسة أنشطة صديقة للبيئة
فالتعليم الأخضر، يسعى إلى التنمية المستدامة ومواكبة التطور التكنولوجي والاستفادة منه في سائر عناصر العملية التعليمية بكفاءة عالية ونواتج متميزة، وفق معايير صديقة للبيئة، ويطور البرامج البيئية من مبان وطاقة وتشجير وخدمات، كما يركز على العملية التعليمية وتزويدها بالتقنيات والتطبيقات والإستراتيجيات والممارسات المرتبطة بمفهوم التعليم الأخضر.

فوائد التعليم الأخضر
- اعتماد تقنيات لترشيد استهلاك الطاقة الناتج عن استخدام أجهزة الحاسوب والإضاءة والتكييف وغيرها.
- استخدام التقنيات التعليمية بطريقة سليمة بيئيًا واقتصادية في الجهد والوقت.
- التحول الجذري إلى الخدمات الإلكترونية بغية الاستغناء عن استخدام الورق والكتب الدراسية.
- تقليص مراكز التدريب بتفعيل التدريب عن بعد.
كما يسمح نظام التعليم الأخضر بالاستفادة بشكل فعّال من تقنيات التعليم الحديثة، مما له الأثر الأكبر على:
- جودة التعليم وتوسيع مدارك المتعلم والتواصل المباشر والنشط بين المتعلم والمعلم.
- تنمية مهارة الإبداع والاستكشاف لديه والبعد عن روتين التعلم التقليدي.
- إطلاع ولي أمر المتعلم بشكل مستمر ودقيق على مستوى ابنه الدراسي.
- تحويل الفصول التقليدية إلى عالم افتراضي يحاكي الواقع.
#الجامعة_الاولى_في_العراق