بالرغم من التقبّل الكبير والفهم الذي شهده ميدان الأمراض العقلية خلال السنوات الأخيرة إلا أنّ الشعور بالوصمة الاجتماعية إثر الإصابة بمرض عقلي لا يزال مُلازماً للمريض وعائلته نتيجةً لقصور إدراك المجتمع فيما يتعلق بالأمراض العقليّة. ولكن يُمكن للشخص المصاب بمرض عقلي وذويه القيام ببعض الخطوات التي من شأنها مساعدة المريض في التعامل مع الوصمة الاجتماعية.
ما هي الخطوات التي يمكن اتباعها للتعامل مع الوصمة الاجتماعية للأمراض العقليّة؟
فيما يلي بعض الطرق الهامّة التي يُمكن للمصاب بالمرض العقلي وعائلته اتباعها للتخلص من الشعور بالوصمة الاجتماعية-
تذكير المريض بأنّه ليس الشخص الوحيد الذي يعاني من مرضٍ عقلي: قد يتأقلم الكثير من الأشخاص مع فكرة إصابتهم بمرضٍ عقلي كالاكتئاب والقلق وإدمان المخدرات وغير ذلك من مشاكل الصحة العقلية الشائعة في المجتمع.
طلب المساعدة- لا يتلقى الكثير من الأشخاص المصابين بالأمراض العقلية العناية الطبية اللازمة حتى اليوم ويعود السبب في ذلك نوعاً ما إلى الشعور بالوصمّة الاجتماعية المصاحبة لطلب المساعدة. ويجدر بالذكر أن الأمراض العقلية لا تختلف عن أيّ مرضٍ آخر يستلزم المعالجة تحقيقاً للشفاء، إذ كلّما بدأت المعالجة بوقتٍ مبكر كلما كان الشفاء أسرع، وبالتالي يتحتم على المريض طلب المساعدة من الآخرين دون خوف.
التفاؤل والتذكر بأن العلاج مفيد دوماً- تتوفر الأدوية الآمنة والناجحة وطرق المعالجة النفسيّة والاجتماعية أيضاً، كما أنّ هناك طرق علاجية مستحدثة قيد التطوير، وبالتالي ينعم معظم الأشخاص المصابين بأمراضٍ عقلية بحياةٍ كريمة مع ذويّهم في المجتمع.
تقديم الدعم الُأسري اللازم في حال سعي المريض للحصول على المساعدة- قد تكون معالجة الأمراض العقلية صعبة وغالباً ما يكون الصبر مطلوباً لدى تجريب الأدوية الجديدة، وغالباً ما يكون التأقلم مع الآثارالجانبية للدواء وتعلّم أساليب سلوكية جديدة أمراً مثيراً للإحباط غير أنه مجديّ على المدى الطويل، وهكذا فإنّ تقديم الدعم للمريض في مسعاه لتحقيق الشفاء والاستقرار أمراً في غاية الأهمية.
المشاركة الفعالة في تنفيذ خطة المعالجة- على المريض التحدث مع الطبيب عن النتائج الهامّة بالنسبة له، ففي حال لم يكن العلاج ذيّ فائدة أو إذا كان المريض يشعر بآثار الدواء الجانبية عليه مناقشة ذلك مع الطبيب ذلك لأن الأمل في تحقيق الشفاء لا يزول، خاصةً إذا كان الطبيب على علمٍ بكيفية تأثير طريقة المعالجة على المريض، إذ يمكن أن يعمل الطبيب والمريض معاً للتأكد من بلوغ النتائج الهامّة والمرجوّة بالنسبة للمريض.
البقاء نشطاً والتواصل مع الأشخاص الذين يقدمون الدعم للمريض- إنّ الانعزال الاجتماعي قد يكون أحد الآثار الجانبية للشعور بالوصمة الاجتماعية إثر الإصابة بمرضٍ عقلي، إذ إنّ الانعزال عن الناس والابتعاد عن الأنشطة الممتعة يُعرِّض المريض لخطر الوقوع في الاكتئاب والانهيار النفسي إلى حدٍ بعيد، وبالتالي يُنصح المريض بالمجازفة والمشاركة في أيّ أنشطة جديدة في المجتمع.
ويُلفت الانتباه إلى أنّ الخيارات متاحة للمريض والمقرّبين منه وأنّ القرار يعود له في إخبار من يرغب حول ما يعاني منه أو ما يريد للأشخاص الآخرين معرفته. ومن المهم بالنسبة للمريض أن يتقبَّل التشخيص المرضي وأن يعرف المزيد عنه، فبهذه الطريقة يصبح المريض مستعدًا ليكون عضواً فاعلاً في قرارات علاجه وقادراً على طلب المساعدة عند الضرورة، فالتكتُّم قد يزيد من عزلة المريض فيما قد يفتح الدعم الأسري والطبِّي عالماً من التغيير أمام عينيه.
وعلى المريض أن يتذكر دوماً بأن هنالك أملاً في تحقيق الشفاء ويفيده إلى حدٍ كبير مناقشة أهدافه مع الطبيب وأنّ يسهم في اتخاذ القرارات المتعلّقة بطريقة علاجه، كما يفيد المريض أن تفهم أسرته المرض الذي يعاني منه، فكلما كانوا على درايةٍ بحالته كلما زادت مقدرتهم على مساعدته، وإنّ الشعور بالوصمة الاجتماعية ينجم عن عدم فهم الأمراض العقلية، وإن توعية المجتمع بهذه الحقائق يمكن أن يكون أمراً مفيداً للغاية.
كيف يمكن إحداث التغيير لدى شخصٍ يعاني من مرضٍ عقلي؟
1.الاطلاع على الحقائق المتعلّقة بالصحة العقلية وتبادُلها مع الآخرين خاصة في حال سماع أو قراءة معلومة غير صحيحة.
2.المساهمة بشكلٍ فعال ضمن فريق المعالجة وإعلام الطبيب بحقيقة ما يشعر به المريض.
3.البحث عن مجموعات دعم الأشخاص المصابين بأمراض عقلية والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية المحليّة.
4.التعامل مع الشخص المصاب بمرض عقلي باحترام والحفاظ على كرامته.
5.احترام حقوق الشخص المصاب بمرضٍ عقلي والتعامل معه دون أيّ تمييّز سر وصمة المرض العقلي.
6.يتطلب كسر وصمة العار جهدًا جماعيًا وفهمًا.
كسر وصمة المرض العقلي-
التثقيف والتوعية- تساعد زيادة المعرفة العامة حول حالات الصحة العقلية على تبديد الخرافات والقوالب النمطية. يمكن للحملات التوعوية والمبادرات التعليمية تعزيز المعلومات الدقيقة وتشجيع التعاطف.
مسائل اللغة- إن استخدام لغة محترمة وتهتم بالشخص أولاً عند مناقشة الصحة العقلية يمكن أن يساعد في تقليل الوصمة. الابتعاد عن الألفاظ الجارحة والتأكيد على ذلك الأمراض النفسية هي الحالات الطبية يمكن أن تغير المواقف بشكل إيجابي.
مشاركة القصص الشخصية- يمكن للروايات الشخصية من الأفراد الذين عاشوا تجارب مع المرض العقلي أن تضفي طابعًا إنسانيًا على المشكلة. ومن خلال مشاركة قصصهم، يتحدى الأفراد الصور النمطية ويظهرون أن التعافي والقدرة على الصمود أمران ممكنان.
المناصرة والدعم- إن الدعوة إلى سياسات تحمي حقوق الأفراد الذين يعانون من أمراض الصحة العقلية وتضمن الوصول إلى العلاج الجيد والمتكامل وخدمات الدعم أمر بالغ الأهمية. تعمل البيئات الداعمة في أماكن العمل والمدارس والجامعات والمجتمعات بشكل عام على تعزيز الشمولية وتقليل الوصمة.
تحدي التمييز- من الضروري معالجة السلوكيات والمواقف التمييزية تجاه الأفراد المصابين بأمراض عقلية. إن تشجيع التعاطف والتفاهم والقبول يمكن أن يخلق بيئة أكثر دعمًا للجميع.
أ.د. منى عبد الوهاب خليل
جامعة المستقبل / كلية التمريض